فتساءلت بسخرية وأنا أجلس: بخير؟! - كما يجدر بأم مؤلف ناجح! - إنه سر عذابي الراهن! - يا له من عذاب لا أساس له؛ عندي خبر سار، لقد اتصل بي تليفونيا.
قاطعته بفرحة مشتعلة: أين هو؟ - لا أدري ... إنه سره، فليحتفظ به كيف شاء، المهم أنه مكب على تأليف مسرحية جديدة. - هل ترك عمله؟ - نعم ... إنها مجازفة، ولكنه واثق من نفسه، وأنا واثق. - لم يكلف خاطره بالاتصال بي؟ - يتجنب أن يستجوبه أحد عن مسرحيته ... هذا ما أتصوره. - لقد قالوا وعادوا ... ما رأيك أنت؟ - المسرحية فن، والفن خيال مهما استمد من الحقائق! - ولكن ظنون الناس ...؟ - الجمهور لن يرى شيئا من ذلك كله ... إنه سخف، ولولا حماقة طارق.
فقاطعته: إنه عدوه، عليه اللعنة. - أطالبك الآن بأن تقري عينا. ••• - بلغني أن كرم يونس يطلب يدك؟ - أجل. - ممكن إصلاح الأمر. - لا ... أرفض هذا النوع من الكذب. - ستصارحينه؟ - أعتقد ذلك. - يا لك من فتاة استثنائية في هذا الزمن المغمور بالسفلة! هل تكاشفينه بالفاعل؟ - لا أهمية لذلك. - الأفضل ألا تفعلي. •••
مضيت إلى البوفيه، صاح أحمد برجل عند رؤيتي: خطوة عزيزة.
جلست أمامه صامتة، راح يعد لي السندوتش والشاي. هنأنا من أهل الأرض شخصان، أحمد برجل وأم هاني. غمرتني ذكريات المكان، الشاي، والسندوتش، والغزل، والمزمار الراقص في الجحيم، مثل قطرات مطر صافية أصابت مزبلة. وقال عم أحمد: نجاح عباس حظ طيب، وبشير بالعزاء عما سلف.
فقلت بأسى: لكنه هجرنا بلا كلمة طيبة. - لا تقلقي، لا يقلق أحد ممن حولنا لذلك! - وطارق رمضان؟! - إنه نصف مجنون. •••
التجربة عنيفة وجديدة، ثمة تصميم على الاعتراف، وخوف يخرسني في آخر لحظة؛ إني شريفة وطاهرة، وأكره الخداع، ولكن الخوف يخرسني. يبدو لي كرم مثالا للجدية والحب، فهل أفقده؟ وخرست حتى أغلق علينا بابنا، هالني ضعفي فبكيت، انتصبت الحقيقة عارية متوترة مستخذية بيني وبينه. همست: إني مجرمة ... عجزت أن أخبرك من قبل.
تحيرت، في مقلتيه نظرة ساهمة، ما أخشاه يقع! قلت: خفت أن أفقدك، وصدقني لقد اغتصبت اغتصابا.
وأخفيت عيني في الأرض، وانفعالاته تلفحني، وقلت كلاما، وقال كلاما، وضاع الكلام في وقدة الألم، لكن صوته حفر في وعيي وهو يقول: لا يهمني الماضي.
ازددت بكاء، ولكن بهرني شروق غير متوقع. قلت إنه شهم، وأنني سأكرس نفسي لإسعاده، وهمست وأنا أجفف عيني: ما أسهل أن يضيع الأبرياء ...! •••
Page inconnue