فصاحت حليمة بصوت متشنج: ابني مجنون!
وقالت لطارق: لا تكن أنت أيضا مجنونا.
فعاد يهدد، فصاحت به: غادر بيتنا!
فمضى وهو يقول: باق على أنفاسكم ليوم القيامة.
خلا المكان للأسرة الكريمة، جعلت أردد عيني بينهما في شماتة وسخرية. قالت له بضراعة: ما عرفتها إلا خليلة لهذا أو ذاك.
فقلت مقهقها: أمك خبيرة ... اسمع وافهم ...
واصلت ضراعتها: أبوك كما ترى وتعلم أصبح لا شيء؛ أنت أملنا.
فقال عباس: سنبدأ حياة جديدة.
فسألته ضاحكا: لماذا خدعتنا طويلا بمثاليتك؟!
غادر عباس البيت، فأجهشت هي في البكاء. رحبت في أعماقي بذهابه النهائي الوشيك. هللت لتحطم التحالف الكريه القائم بينه وبين أمه ضدي؛ إنه صوت معارضة دائم، ضقت به، وكرهته، وها هو يختفي فيكتسب البيت هدوءا وانسجاما؛ كنت أخافه أحيانا، تتجسد فيه أقوال أزدريها، وأفعال أحتقرها. وجعلت حليمة تندب حظها مولولة: وحدي ... وحدي!
Page inconnue