فضحك ولم يكن شيء يحرجه أو يربكه، وقال: لك حق. - إنها عشرة طويلة؛ لقد قضيت عمرا ملقنا لفرقتك، وفتحت لك بيتي حتى قبض علي ... - إنني مخطئ في حقك ... تشرب قهوة؟ - لا قهوة ولا شاي، إني قادم بخصوص عباس ابني. - تقصد المؤلف المثير؟ ... ستنجح مسرحيته يا كرم نجاحا غير عادي، وأنت أدرى الناس بإحساسي. - عظيم ... ولكني لم أجده في مسكنه، وقال البواب إنه حمل حقيبته وذهب. - وماذا يقلقك من ذلك؟ ... إنه شارع في تأليف مسرحية جديدة ... ولعله وجد مكانا هادئا. - بلغتني أشياء عن موضوع المسرحية، فخفت أن يكون لذلك علاقة بذهابه. - تفكير خاطئ يا كرم. - طارق حاقد، وهو ...
فقاطعني: لا تحدثني عنه، فإني أعلم به، ولكن لا داعي للقلق على ابنك على الإطلاق. - أخشى أن يكون قد ...
وسكت، فقال ضاحكا: المسرحية خيال، ولو كانت ... - خبرني عن رأيك بصراحة! - لم أشغل عقلي دقيقة إلا بالمسرحية نفسها ... ما ارتكبه البطل في المسرحية في صالح المسرحية، هذا ما يهمني. - ولكنه وشى بوالديه وقتل زوجته؟ - خير ما فعل. - ماذا تعني؟ - ذلك ما خلق المأساة. - ألم تشعر بأن ذلك قد حدث فعلا في الحياة؟ - لا يهمني ذلك ألبتة! - أريد أن أعرف الحقيقة. - الحقيقة؛ المسرحية عظيمة، وأنا كما تعلم مدير مسرح لا وكيل نيابة. - وأنا معذب!
فضحك الهلالي، وقال: لا أدري شيئا عما تتحدث عنه، ثم إنك لم تكن تحبه قط! - الحاضر غير الماضي، وأنت سيد من يفهم. - المسرحية مسرحية لا أكثر من ذلك، وإلا جاز للقانون أن يدخل 90٪ من المؤلفين قفص الاتهام. - إنك لا تريد أن تريحني! - ليتني أملك ذلك يا كرم، لا تشغل نفسك بأوهام سخيفة، ولن يشاركك فيها إلا قلة من الأصدقاء المعروفين، أما الجمهور فلن يخرج عن حدود المسرحية. لماذا رفضت أن ترجع إلى وظيفتك القديمة كملقن للفرقة؟ - شكرا، اقترح عباس ذلك مؤيدا اقتراحه بموافقتك، ولكني لا أحب الرجوع إلى الماضي.
فضحك الهلالي، وقال: إني أفهم ذلك، أنت الآن سيد نفسك، ولعل المقلى أربح؛ ليكن يا عزيزي، ولكن لا تقلق على عباس، إنه يبني نفسه، وسيظهر في الوقت المناسب.
انتهت المقابلة، غادرته وأنا أنوء باحتقاري للجنس البشري. لا أحد يحبني ولا أحب أحدا، حتى عباس لا أحبه وإن تعلق به أملي، الغادر القاتل! ولكن فيم ألومه وأنا مثله؟ لقد تقشر الطلاء عنه فتجلى على حقيقته الموروثة عن أبيه، الحقيقة المعبودة في هذا الزمان، التي توشك أن تعلن ذاتها بلا نفاق. ما الفضيلة إلا شعار كاذب يتردد في المسرح والجامع! كيف زج بي في السجن في زمن الشقق المفروشة وملاهي الهرم؟ من هذا؟ صادفت طارق رمضان أمام باب البوفيه، مد إلي يد ثعبان فرفضته، قلت له أن ابعد عن وجهي. •••
لم أخطئ؛ أليس هذا هو زمن المخدرات؟ وأنا رجل بلا قيود، لا أخلص إلا للغريزة؛ مثلي تماما أولئك الرجال، ولكنه الحظ وحده. تقول حليمة: أتظن أن أجري وحده يكفي للإنفاق على بيتك وابنك؟ - إني على أتم الاستعداد للشجار! - الأفيون يهدم كل شيء. - فليهدم كيف شاء. - وابنك؟ ... إنه ولد رائع جدير بالرعاية!
لم أخطئ، لقنتني أمي مبادئ الصواب الأبدي. حليمة ترغب في تمثيل دور السيدة المحترمة، وتتناسى ماضيها الداعر. لن أسمح للنفاق بالمعيشة في بيتي.
وقلت للهلالي: إنكم تتعبون أحيانا للعثور على بيت مناسب؛ إليكم بيتي.
حدجني باهتمام، فقلت: في أعماق باب الشعرية، الجن نفسه لن يرتاب فيه!
Page inconnue