Lumières sur la Sunna Mohammedienne

Mahmoud Abou Rayya d. 1390 AH
96

Lumières sur la Sunna Mohammedienne

أضواء على السنة المحمدية

Genres

بنقل الناقل أن يعلم منه حرص على الدنيا وتهافت على الاتصال بالملوك ونيل المكانة والحظوة عندهم - فإن من كان بهذه الصفة لم يؤمن عليه التغيير والتبديل والافتعال للحديث والكذب حرصا على مكسب يحصل عليه (1) . وقد نبه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على نحو هذا الذى ذكرنا بقوله : إن الاحاديث ستكثر بعدى كما كثرت عن الانبياء قبلي ، فما جاءكم عنى فاعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافقه كتاب الله فهو عني قلته أو لم أقله . وقد روى أن قوما من الفرس واليهود (2) وغيرهم لما رأوا الاسلام قد ظهر وعم ودوخ وأذل جميع الامم ، ورأوا أنه لا سبيل إلى مناصبته ، رجعوا إلى الحيلة والمكيدة فأظهروا الاسلام من غير رغبة فيه ، وأخذوا أنفسهم بالتعبد والتقشف ، فلما حمد الناس طريقتهم ولدوا الاحاديث والمقالات ، وفرقوا الناس فرقا . . . وإذا كان عمر بن الخطاب يتشدد في الحديث ويتوعد عليه والزمان زمان ، والصحابة متوافرون ، والبدع لم تظهر ، والناس في القرن الذى أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما ظنك بالحال في الازمنة التى ذمها ! وقد كثرت البدع وقلت الامانة . . . العلة الثانية وهي نقل الحديث على المعنى دون اللفظ بعينه - وهذا الباب يعظم الغلط فيه جدا . وقد نشأت منه بين الناس شغوب شنيعة ، وذاك أن أكثر المحدثين لا يراعون ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم التى نطق بها ، وإنما ينقلون إلى من بعدهم معنى ما أراده بألفاظ أخرى ، ولذلك نجد الحديث الواحد في المعنى الواحد يرد بألفاظ شتى ، ولغات مختلفة ، يزيد بعض ألفاظها على بعض . على أن اختلاف ألفاظ الحديث قد تعرض من أجل تكرير النبي (صلى الله عليه وسلم) له في مجالس عدة مختلفة وما كان من الحديث بهذه الصفة فليس

---

(1) كما هو شأن بعضهم في عصرنا . (2) مثل كعب الاحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام . (*)

--- [ 100 ]

Page 99