أدب الموعظة
أدب الموعظة
Maison d'édition
مؤسسة الحرمين الخيرية
Numéro d'édition
الأولى ١٤٢٤هـ
Genres
لأن حال الموعظة غير حال الرد، والمناظرة، والمجادلة.
ومع ذلك قد يحتاج إلى الشدة وذلك في حالات خاصة، ومن أناس مخصوصين، وفي حق من يستحق ذلك؛ فإذا كان الواعظ ذا مكانة، وكان المقام يقتضي الشدة، ولم يترتب على ذلك مفسدة - أخذ بهذا الأسلوب.
ولهذا كان موسى ﵇ متلطفا مع فرعون غاية التلطف في بداية الأمر - كما مر قريبا - وعندما رأى من فرعون العناد والاستكبار ومحاولة الصد عن الهدى من بعد ما تبين له - أغلظ له في الخطاب كما في قوله - تعالى ـ: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء:١٠٢] .
فأين هذا الخطاب من الخطاب الأول؟
وكما في قوله - تعالى - ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ [العنكبوت:٤٦] .
وكما قال إبراهيم ﵇ لقومه: ﴿أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [الأنبياء: ٦٧] .
وكان النبي ﷺ يأخذ بهذا الأسلوب عند الحاجة إليه.
ومن ذلك ما جاء في الصحيحين في قصة المرأة المخزومية التي سرقت، فعن عائشة ﵂ أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت؛ فقالوا: ومن يكلم رسول الله ﷺ، ومن يتجرأ عليه إلا أسامة حب رسول الله ﷺ.
فكلم رسول الله ﷺ فقال: "أتشفع في حد من حدود الله؟ ".
ثم قام فخطب، قال: "يا أيها الناس! إنما أضل من قبلكم أنهم إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة
1 / 48