Adam Smith: Une courte introduction
آدم سميث: مقدمة موجزة
Genres
كما أن الضرائب المرهقة تعد من العقبات أيضا، ويبدو من المحاضرات أن سميث كان قد بدأ بالفعل بالتفكير في كفاءة نظام الضرائب، مفضلا ضرائب الأراضي على ضرائب السلع؛ لأنها أسهل في الجباية. كما يعتقد سميث أن هناك مركزية شديدة في التخطيط من جانب الحكومات وملاك الأراضي ذوي النفوذ؛ فالناس يحتاجون إلى الأسواق وحرية التجارة، لا إلى من يوجههم من أعلى.
مثل هذه التدخلات تؤدي حتما إلى تدني المستوى المعيشي العام، فالناس ينخرطون في تبادلات متعمدة لأن كلا الطرفين يعتقد بأنه سينتفع منها، وهذا هو مصدر الثروة البشرية. ويلاحظ سميث أنه «عندما يتاجر شخصان مع بعضهما، فلا شك أن ذلك يعود بالنفع عليهما»، ويوجه خطابه للمركنتيليين فيقول: «والحال مطابق تماما لما يجري بين أي أمتين من أمم الأرض».
16 (4-4) الحرية والتقدم
ولا تقل خطواته السياسية التي شرحها قوة عما سبق ؛ حيث يقول:
يتضح من الاعتبارات السابقة أن بريطانيا يجب عليها بالتأكيد أن تصبح ميناء حرا، وأنه ينبغي ألا تكون هناك أي عقبات من أي نوع في طريق التجارة الخارجية، وأنه إذا كان من الممكن دفع نفقات الحكومة من جهات أخرى، فلا بد من إلغاء كافة الرسوم الجمركية والضرائب، وأن يسمح بحرية التجارة وتبادل المنافع مع كافة الأمم وفي جميع السلع.
17
وبالمنطق نفسه، يرى سميث أن «حرية تبادل المنافع» يجب أن تتاح في السلع كافة، «فيما بين» كل الأمم أيضا.
كان بعض المفكرين في أيام سميث يفترضون أن التقدم أمر حتمي. وعلى أي حال، كان العالم في تلك الحقبة يتقدم بلا شك، لكن سميث لم يكن متفائلا لهذا الحد؛ إذ يحتاج التقدم إلى إطار من القواعد، وإلى الأمن والحرية والعدل، وإلا فإن الناس سيفقدون الحافز للجد والاجتهاد. ولا شك في أن للحكومة دورا في الحفاظ على كل هذه العوامل، لكن عليها أن تبتعد في الوقت ذاته عن مسار عملية خلق الثروة، وأن تضمن عدم تزويد أصحاب المصالح الشخصية بالقوة التي تمكنهم من إبعادها عن المسار الصحيح. إن الرغبة الطبيعية لدى الناس في تحسين أحوالهم، ما إن تتحرر على هذا النحو، تشكل الدافع الأقوى لإحراز تقدم. (5) الخلاصة
إن كتابات سميث الأقل شهرة ربما تمثل تحديا أمام القارئ المعاصر لما بها من عمق ثقافي؛ ففي إحداها تحدث سميث - عن دراية وبعمق - عن النماذج الكونية التاريخية المختلفة، واقتبس في أخرى من مراجع كتبها لفيف من العلماء الكلاسيكيين ليبين كيفية استخدامهم للغة، وفي ثالثة قارن بين المؤسسات القانونية في عدد من الدول القريبة والبعيدة.
إن هذه الكتابات لا تكتفي بإبراز تفوق سميث في عدد من الفروع الأكاديمية فحسب، وإنما تبرز سميث نفسه أيضا وبوضوح كدارس للطبيعة البشرية؛ فهو لا يؤمن بأن القوانين أو الحكومات أو اللغة أو حتى العلم من الأشياء التي «تمنح»، بل أنها جميعا في الحقيقة من إبداع العقل البشري، ومع ذلك، فإنها تمثل منظومات معقدة لم نشكلها بالضرورة عن قصد. فالعالم الذي يتأمل اليد الخفية سيذهل من الكيفية التي تتضافر بها أفعالنا الفردية بدقة لإخراج تلك المؤسسات الاجتماعية التي تعمل بكفاءة إلى النور.
Page inconnue