ولكن متى كنت في حاجة إلى من يحبني؟! يكفيني حبي لنفسي. كل ما أريد من هذه الفتاة أن تصبح زوجتي، وقد أصبحت، ولتذهب مشاعرها إلى أي جحيم تريد.
لم يمنع التقزز من فوزية وجمود الحس من عبد الشكور أن ينال الزوج حقه الشرعي، منحته له فوزية وكأنها مقدمة على الانتحار.
كانت الحياة بين الزوجين بعد ذلك نسخة مكررة مما كانت في الليلة الأولى؛ احتقارا وامتهانا وتباعدا من الزوجة، وعدم مبالاة وصلابة أحاسيس وتجاهل كراهية من عبد الشكور.
فهو لم يعرف الحب في حياته كلها، وهو لا يريد أن يعرفه. ولا يعنيه أن تحبه زوجته، بل لا يعنيه أن تكرهه؛ فكما كان لا يعبأ بالحب من أي إنسان مهما يكن قربه منه كان لا يحفل بالكراهية مهما تكن مؤصدة إليه من زوجته؛ إلف حياته وأم ولده.
نعم لقد حملت فوزية منذ الشهر الأول من الزواج، ووضعت لزوجها طفلهما بعد عشرة أشهر من زواجهما.
وتدخل الجد في اختيار اسم الوليد فكان راشد؛ اسم واحد من أجداده العظام، ولم يمانع عبد الشكور؛ فكل الذي كان يطمح إليه أن يكون له ابن يحمل اسمه.
أما فوزية فإنها منذ سكتت عنها آلام الوضع أزمعت أمرين لم تتوان في تنفيذ أولهما.
ففي اليوم الأول لاستطاعتها الخروج من البيت قصدت إلى الدكتورة مفيدة عبد الغني التي كانت مشرفة على الولادة، وكانت زميلتها في المرحلة الثانوية ثم اختارت كلية الطب وتخرجت فيها متخصصة في أمراض النساء، وقد أصرت فوزية ألا يشرف عليها في فترة الحمل والولادة إلا زميلتها القديمة، ولم يجد عبد الشكور بدا من الاستجابة لرغبتها.
رحبت مفيدة بزميلتها وصديقتها، وسألتها في دهشة: لماذا خرجت من البيت قبل الموعد الذي حددته لك. - أريد منك أمرا هاما. - ولماذا لم تستدعيني؟ - كان لا بد أن آتي إليك. - عجيبة! - لا أريد أطفالا بعد راشد. - ليس لديك ما يمنع الحمل مرة أخرى وثالثة وعاشرة. - لو كان لدي ما يمنع ما جئت إليك. - أكاد أفهم ولكنني لا أتصور. - بل هو ما فهمت. - أتريدين أن أجعلك عقيما؟ - هو ذاك. - ولكن.
وقاطعتها فوزية: لا تنطقي حرفا قبل أن أقص عليك كيف تزوجت.
Page inconnue