وأمثالها فَإِنَّهُم إِذا أَرَادوا أَن يتكلموا فِي الحَدِيث جَاءُوا بِمَا يضْحك مِنْهُ سامعه ويعجب لأَنهم يوردون الموضوعات فضلا عَن الضِّعَاف وَلَا يعْرفُونَ ذَلِك وَلَا يَفْطنُون بِهِ وَلَا يفرقون بَينه وَبَين غَيره وَسبب ذَلِك عدم اشتغالهم بفن الحَدِيث كَمَا يَنْبَغِي فَكَانُوا عِنْد التَّكَلُّم فِيهِ عِبْرَة من العبر
وَهَكَذَا حَال مثل هذَيْن الرجلَيْن وأشباههم من أهل طبقتهم مَعَ تبحرهم فِي فنون عديدة فَمَا بالك بِمن يتَصَدَّى للْكَلَام فِي فن الحَدِيث ويشتغل بإدخاله فِي مؤلفاته وَهُوَ دون أُولَئِكَ بمراحل لَا تحصر
وَهَكَذَا تَجِد كثيرا من أَئِمَّة التَّفْسِير الَّذين لم يكن لَهُم كثير اشْتِغَال بِعلم السّنة كالزمخشري وَالْفَخْر الرَّازِيّ وغالب من جَاءَ بعدهمْ فَإِنَّهُم يوردون فِي تفاسيرهم الموضوعات الَّتِي لَا يشك من لَهُ أدنى اشْتِغَال بِعلم الحَدِيث فِي كَونه موضعا مكذوبا على رَسُول الله ﷺ وَذَلِكَ الْمُفَسّر قد أدخلهُ فِي تَفْسِيره وَاسْتدلَّ بِهِ على مَا يَقْصِدهُ من تَفْسِير كتاب الله سُبْحَانَهُ
وَهَكَذَا أَئِمَّة أصُول الْفِقْه فَإِن أَكثر من يشْتَغل من النَّاس فِي هَذَا الزَّمَان بمؤلفاتهم لَا يعْرفُونَ فن الحَدِيث وَلَا يميزون شَيْئا مِنْهُ بل يذكرُونَ فِي مؤلفاتهم الموضوعات ويبنون عَلَيْهَا القناطر
وبهذه الْأَسْبَاب تلاعب النَّاس بِهَذَا الْفَنّ الشريف وكذبوا على رَسُول الله ﷺ أقبح كذب فَصَارَ من لَهُ تَمْيِيز يقْضِي من صنيعهم
1 / 75