لم يُخَالِفهُ إِلَّا مَا أرجح مِنْهُ
وَقد ينظم إِلَى هَذَا من بعض أهل الْجَهْل والسفه والوقاحة وصف ذَلِك الدَّلِيل الَّذِي جَاءَ بِهِ الْمُخَاطب لَهُم بِالْبُطْلَانِ وَالْكذب إِن كَانَ من السّنة وَلَو تمكنوا من تَكْذِيب مَا فِي الْكتاب الْعَزِيز إِذا خَالف مَا قد قلدوا فِيهِ لفعلوا
وَأما فِي دِيَارنَا هَذِه فقد لقنهم من هُوَ مثلهم فِي الْقُصُور والبعد عَن معرفَة الْحق ذَرِيعَة إبليسية ولطيفة مشئومة هِيَ أَن دواوين الْإِسْلَام الصَّحِيحَيْنِ وَالسّنَن الْأَرْبَع وَمَا يلْتَحق بهَا من المستندات والمجاميع الْمُشْتَملَة على السّنة إِنَّمَا يشْتَغل بهَا ويتكرر درسها وَيَأْخُذ مِنْهَا مَا تَدْعُو حَاجته إِلَيْهِ من لم يكن من اتِّبَاع أهل الْبَيْت لِأَن المؤلفين لَهَا لم يَكُونُوا من الشِّيعَة
فيدفعون بِهَذِهِ الذريعة الملعونة جَمِيع السّنة المطهرة لِأَن السّنة الْوَارِدَة عَن رَسُول الله ﷺ هِيَ مَا فِي تِلْكَ المصنفات وَلَا سنة غير مَا فِيهَا وَهَؤُلَاء وَإِن كَانُوا يعدون من أهل الْعلم لَا يسْتَحقُّونَ أَن يذكرُوا مَعَ أَهله وَلَا تنبغي الشغلة بنشر جهلهم وَتَدْوِين غباوتهم لكِنهمْ لما كَانُوا قد تلبسوا بلباس أهل الْعلم وحملوا دفاتره وقعدوا فِي الْمَسَاجِد والمدارس اعتقدتهم الْعَامَّة من أهل الْعلم وقبلوا مَا يلقونه من هَذِه الفواقر فظلوا وأظلوا وعظمت بهم الْفِتْنَة وحلت بسببهم الرزية فشاركوا سَائِر المقلدة فِي ذَلِك الِاعْتِقَاد فِي أئمتهم الَّذين قد قلدوهم واختصموا من بَينهم بِهَذِهِ الْخصْلَة الشنيعة والمقالة الفضيعة فَإِن أهل التَّقْلِيد من سَائِر الْمذَاهب يعظمون كتب السّنة ويعترفون بِشَرَفِهَا وَأَنَّهَا أَقْوَال رَسُول الله ﷺ وأفعاله وَأَنَّهَا هِيَ دواوين الْإِسْلَام وَأُمَّهَات الحَدِيث وجوامعه الَّتِي عول عَلَيْهَا أهل الْعلم فِي سَابق الدَّهْر ولاحقه بِخِلَاف أُولَئِكَ فَإِنَّهَا عِنْدهم بالمنزلة الَّتِي ذَكرنَاهَا فضموا إِلَى شنعة التَّقْلِيد شنعة أُخْرَى هِيَ أشنع مِنْهَا وَإِلَى بِدعَة التعصب بِدعَة أُخْرَى هِيَ أفضع مِنْهَا
وَلَو كَانَ لَهُم أقل حَظّ من علم وأحقر نصيب من فهم لم يخف عَلَيْهِم أَن هَذِه الْكتب لم يقْصد مصنفوها إِلَّا جمع مَا بلغ إِلَيْهِم من السّنة بِحَسب
1 / 71