[book 1]
[chapter 0]
بسم الله الرحمن الرحيم وعليه توكلى وبه نستعين.
قال جامع هذا الكتاب ومؤلفه: إن أناسا من الأطباء — أيها الحبيب، أسعدك الله ببلوغ مطلوباتك، وأعانك على درك الحق — حين جهلوا أصول صناعة الطب، وفاتهم درك فروعها، وقصروا عن تأمل الصواب فى طرقها، خرجوا إلى الحيل والتلبيس، حتى أفسدوا محاسنها، وأساؤا سمعة أهلها، وكانوا بمنزلة بنائين راموا إصلاح تشعيث دار قد بنيت أتقن بناء، وأحكمت أحسن إحكام، وأعد فيها ضروب المصالح والمنافع، فجعلوا يسعون فيها، محجوبة أبصارهم عن مواضع الفساد، لجهلهم بمعرفة ما فيه بنيت الدار، وسوء تحصيلهم نظمها، وأحكام هيئتها. فإنهم لما عميت أذهانهم عن معرفة الأسباب والعلل لكونها، صاروا يجولون كالحيارى، لا يفهمون مواضع الفساد، ولا مواقع علله. وربما رام الواحد منهم الإصلاح لشئ يجهل سببه، فيسرع إلى إفساده وهدم أساسه، كالذى أقدمت 〈عليه〉 وجاهرت به الطائفة من الأطباء الذين رأيتك تذمهم وتوبخهم، وأشباههم من أهل القحة والإقدام على ما لا يعلمونه، فحق على من أنعم الله عليه بمعرفة، ووفقه لتأصيل هذه الصناعة، أو حلها والوقوف على ما فيها من لطيف التدبير وصواب التقدير، ألا يقصر فى إظهار مابلغه علمه من ذلك، بل يجتهد فى نشره وإذاعته، ليقوى به نفوس أهل الحقائق ويجتنب به سوء العمل فى تدابير الأصحاء والمرضى، محتسبا للثواب فى ذلك، واثقا بمعونة الله تعالى، وتأييده إياه.
Page 1