Les bonnes manières légales
الآداب الشرعية والمنح المرعية
Maison d'édition
عالم الكتب
Numéro d'édition
الأولى
Lieu d'édition
القاهرة
Genres
Soufisme
[فَصْلٌ فِي مَيْلِ الطَّبْعِ إلَى الْمَعْصِيَةِ، وَالنِّيَّةِ، وَالْعَزْمِ، وَالْإِرَادَةِ لَهَا]
وَمَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ) قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَمَيْلُ الطَّبْعِ إلَى الْمَعْصِيَةِ بِدُونِ قَصْدِهَا لَيْسَ إثْمًا فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ الْمَعْصِيَةَ أَثِمَ، وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ فِعْلٌ، وَلَا قَوْلٌ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: حَدِيثُ النَّفْسِ يَتَجَاوَزُ اللَّهُ عَنْهُ إلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ فَهُوَ إذَا صَارَ نِيَّةً وَعَزْمًا وَقَصْدًا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ لِلْفِعْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ تُوجِبُ وُقُوعَ الْمَقْدُورِ فَإِذَا كَانَ فِي الْقَلْبِ حُبُّ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ ﷺ ثَابِتًا اسْتَلْزَمَ مُوَالَاةَ أَوْلِيَائِهِ وَمُعَادَاةَ أَعْدَائِهِ ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المجادلة: ٢٢] . ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [المائدة: ٨١] .
فَهَذَا الِالْتِزَامُ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ. وَمِنْ جِهَةِ ظَنِّ انْتِفَاءِ اللَّازِمِ غَلِطَ غَالِطُونَ كَمَا غَلِطَ آخَرُونَ فِي جَوَازِ وُجُودِ إرَادَةٍ جَازِمَةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ بِدُونِ الْفِعْلِ حَتَّى تَنَازَعُوا هَلْ يُعَاقَبُ عَلَى الْإِرَادَةِ بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ: وَقَدْ بَسَطْنَا ذَلِكَ وَبَيَّنَّا أَنَّ الْهِمَّةَ الَّتِي لَمْ يُقْرَنْ بِهَا فِعْلُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْهَامُّ لَيْسَتْ إرَادَةً جَازِمَةً وَأَنَّ الْإِرَادَةَ الْجَازِمَةَ لَا بُدَّ أَنْ يُوجَدَ مَعَهَا مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَالْعَفْوُ وَقَعَ عَمَّنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ، وَلَمْ يَعْمَلْهَا لَا عَمَّنْ أَرَادَ، وَفَعَلَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ وَعَجَزَ عَنْ قِيَامِ مُرَادِهِ كَاَلَّذِي أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ فَقَاتَلَهُ حَتَّى قُتِلَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ هَذَا يُعَاقَبُ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ، وَفَعَلَ الْمَقْدُورَ مِنْ الْمُرَادِ. هَذَا كَلَامُهُ.
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِابْنِ شِهَابٍ الْعُكْبَرِيِّ الْعَوْدُ الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ فِي الظِّهَارِ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ. فَإِنْ قِيلَ: الْعَزْمُ هُوَ حَدِيثُ النَّفْسِ وَذَلِكَ مَعْفُوٌّ
1 / 97