58

Les bonnes manières légales

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Maison d'édition

عالم الكتب

Numéro d'édition

الأولى

Lieu d'édition

القاهرة

Genres

Soufisme
عَمَّا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «أَنَّ اللَّهَ ﷿ احْتَجَزَ التَّوْبَةَ عَنْ صَاحِبِ بِدْعَةٍ» . وَحَجْزُ التَّوْبَةِ أَيُّ شَيْءٍ مَعْنَاهُ؟ قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُوَفَّقُ وَلَا يُيَسَّرُ صَاحِبُ بِدْعَةٍ لِتَوْبَةٍ.
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «لَمَّا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩] فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ هُمْ أَهْلُ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ لَيْسَتْ لَهُمْ تَوْبَةٌ» قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لِأَنَّ اعْتِقَادَهُ لِذَلِكَ يَدْعُوهُ إلَى أَنْ لَا يَنْظُرَ نَظَرًا تَامًّا إلَى دَلِيلِ خِلَافِهِ فَلَا يَعْرِفُ الْحَقَّ، وَلِهَذَا قَالَ السَّلَفُ إنَّ الْبِدْعَةَ أَحَبُّ إلَى إبْلِيسَ مِنْ الْمَعْصِيَةِ.
وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّ الْمُبْتَدِعَ لَا يَرْجِعُ.
وَقَالَ أَيْضًا: التَّوْبَةُ مِنْ الِاعْتِقَادِ الَّذِي كَثُرَ مُلَازَمَةُ صَاحِبِهِ لَهُ وَمَعْرِفَتُهُ بِحُجَجِهِ يَحْتَاجُ إلَى مَا يُقَارِبُ ذَلِكَ مِنْ الْمَعْرِفَةِ، وَالْعِلْمِ، وَالْأَدِلَّةِ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ «اُقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتَبْقُوا شَبَابَهُمْ» قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: لِأَنَّ الشَّيْخَ قَدْ عَسَا فِي الْكُفْرِ فَإِسْلَامُهُ بَعِيدٌ بِخِلَافِ الشَّابِّ فَإِنَّ قَلْبَهُ لَيِّنٌ فَهُوَ قَرِيبٌ إلَى الْإِسْلَامِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا تَوْبَةَ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا وَقَالَ إنَّ آيَةَ الْفُرْقَانِ: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [الفرقان: ٦٨] ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ [النساء: ٩٣] . وَقَالَ أَيْضًا عَنْ آيَةِ النِّسَاءِ: لَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ وَإِنَّ آيَةَ الْفُرْقَانِ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ. رَوَى ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي نَفْيِ قَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ يُشْبِهُ وَاَللَّه أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّ حَقَّ الْمَقْتُولِ لَا يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ إلَى اللَّهِ ﷿ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَظْلِمَةِ الْآدَمِيِّينَ وَهَذَا حَقٌّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَإِنَّ مِنْ تَمَامِ تَوْبَتِهِ تَعْوِيضَ الْمَظْلُومِ فَيُمَكِّنُ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ وَإِذَا مَكَّنَهُمْ فَقَتَلُوهُ، أَوْ عَفَوْا عَنْهُ، أَوْ صَالَحُوهُ عَلَى الدِّيَةِ فَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّ الْمَقْتُولِ فِي الْآخِرَةِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ

1 / 59