Les bonnes manières légales
الآداب الشرعية والمنح المرعية
Maison d'édition
عالم الكتب
Numéro d'édition
الأولى
Lieu d'édition
القاهرة
Genres
Soufisme
[فِي وُجُوبِ التَّوْبَةِ وَأَحْكَامِهَا وَمَا يُنَابُ مِنْهُ] [الْخِلَاف فِي لُزُوم التَّوْبَة]
(فَصْلٌ فِي وُجُوبِ التَّوْبَةِ وَأَحْكَامِهَا وَمَا يُنَابُ مِنْهُ)
تَلْزَمُ التَّوْبَةُ شَرْعًا لَا عَقْلًا خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، قَالَ بَعْضُهُمْ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيِّ، كُلُّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ قَدْ أَثِمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، وَقِيلَ: غَيْرُ مَظْنُونٍ. قَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِمَّا يُظَنُّ أَنَّهُ إثْمٌ، وَقِيلَ لَا، وَلَا تَجِبُ بِدُونِ تَحَقُّقِ إثْمٍ، وَالْحَقُّ وُجُوبُ قَوْلِهِ: إنِّي تَائِبٌ إلَى اللَّهِ مِنْ كَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ تَوْبَتِهِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَذْهَبًا؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ هِيَ النَّدَمُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ وَالنَّدَمُ لَا يُتَصَوَّرُ مَشْرُوطًا؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا حَصَلَ بَطَلَ النَّدَمُ.
قَالَ الْقَاضِي: وَإِذَا شَكَّ فِي الْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَهُ هَلْ هُوَ قَبِيحٌ أَمْ لَا؟ فَهُوَ مُفَرِّطٌ فِي فِعْلِهِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْ هَذَا التَّفْرِيطِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَعْرِفَةِ قُبْحِ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَوْ حُسْنِهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ أُخِذَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُقْدِمَ عَلَى فِعْلِ قَبِيحٍ، وَلَا عَلَى مَا لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ قَبِيحًا، فَإِذَا قَدِمَ عَلَى فِعْلٍ يَشُكُّ أَنَّهُ قَبِيحٌ فَإِنَّهُ مُفَرِّطٌ وَذَلِكَ التَّفْرِيطُ ذَنْبٌ تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْهُ. وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَذْكُورٌ فِي آخِرِ بَابِ الْأَمَانَةِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فَمَنْ تَابَ تَوْبَةً عَامَّةً كَانَتْ هَذِهِ التَّوْبَةُ مُقْتَضِيَةً لِغُفْرَانِ الذُّنُوبِ كُلِّهَا إلَّا أَنْ يُعَارِضَ هَذَا الْعَامَّ مُعَارِضٌ يُوجِبُ التَّخْصِيصَ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الذُّنُوبِ لَوْ اسْتَحْضَرَهُ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ لِقُوَّةِ إرَادَتِهِ إيَّاهُ، أَوْ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ حَسَنٌ، وَتَصِحُّ مِنْ بَعْضِ ذُنُوبِهِ فِي الْأَصَحِّ.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ: أَنَّهَا تَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاطِبِيُّ أَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ قَالَ: فِي رَجُلٍ قَالَ: لَوْ ضُرِبْتُ مَا زَنَيْتُ وَلَكِنْ لَا أَتْرُكُ النَّظَرَ فَقَالَ أَحْمَدُ ﵁
1 / 55