Les bonnes manières légales

Shams al-Din ibn Muflih d. 763 AH
136

Les bonnes manières légales

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Maison d'édition

عالم الكتب

Numéro d'édition

الأولى

Lieu d'édition

القاهرة

Genres

Soufisme
وَتَعَبُّسَهُ عِنْدَ ذِكْرِهَا وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ الْبَحْثُ بِصَاحِبِهِ حَتَّى يُوقِفَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ الدَّلَائِلِ، فَافْهَمْ ذَلِكَ بِطَرِيقٍ مُرِيحٍ مِنْ كُلِّ إقْدَامٍ عَلَى مَا لَا تَسْلَمُ مِنْ عَاقِبَتِهِ، وَيَعْصِمُ مِنْ كُلِّ وَرْطَةٍ وَسَقْطَةٍ يَبْعُدُ تَلَافِيهَا، وَذَلِكَ دَأْبُ الْعُقَلَاءِ، فَأَيْنَ رَائِحَةُ الْإِيمَانِ مِنْكَ وَأَنْتَ لَا يَتَغَيَّرُ وَجْهُكَ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَتَكَلَّمَ، وَمُخَالَفَةُ اللَّهِ ﷾ وَاقِعَةٌ مِنْ كُلِّ مُعَاشِرٍ وَمُجَاوِرٍ فَلَا تَزَالُ مَعَاصِي اللَّهِ ﷿ وَالْكُفْرُ يَزِيدُ، وَحَرِيمُ الشَّرْعِ يُنْتَهَكُ، فَلَا إنْكَارَ وَلَا مُنْكِرَ، وَلَا مُفَارَقَةَ لِمُرْتَكِبِ ذَلِكَ وَلَا هِجْرَانَ لَهُ. وَهَذَا غَايَةُ بَرَدِ الْقَلْبِ وَسُكُونِ النَّفْسِ وَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي قَلْبٍ قَطُّ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ إيمَانٍ؛ لِأَنَّ الْغِيرَةَ أَقَلُّ شَوَاهِدِ الْمَحَبَّةِ وَالِاعْتِقَادِ. قَالَ حَتَّى لَوْ تَحَجَّفَ الْإِنْسَانُ بِكُلِّ مَعْنًى وَأَمْسَكَ عَنْ كُلِّ قَوْلٍ لَمَا تَرَكُوهُ وَيُفْصِحُ لِأَنَّهُمْ كَثْرَةٌ وَهُوَ وَاحِدٌ وَالْكَلَامُ شُجُونٌ، وَالْمَذَاهِبُ فُنُونٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَنْطِقُ بِمَذْهَبٍ وَيُعَظِّمُ شَخْصًا، وَآخَرُ يَذُمُّ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَالْمَذْهَبَ وَيَمْدَحُ غَيْرَهُ، وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَهِشَّ لِمَدْحِ مَنْ يَهْوَى، وَيَعْبَسَ لِذَمِّهِ، وَيَنْفِرَ مِنْ ذَمِّ مَذْهَبٍ يَعْتَقِدُهُ فَيَكْشِفَ ذَلِكَ. فَالْعَاقِلُ مَنْ اجْتَهَدَ فِي تَفْوِيضِ أَمْرِهِ إلَى اللَّهِ ﷿ فِي سَتْرِ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ وَكَشْفِ مَا يَجِبُ كَشْفُهُ، وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَتْعَبُ وَلَا يَبْلُغُ مِنْ ذَلِكَ الْغَرَضَ. قَالَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَهِشَّ بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا عَلِيٍّ ﵄ إنْ كَانَتْ الْمُنَاظَرَةُ فِيهِمَا، وَلَا إلَى الْقَدَرِ وَلَا إلَى نَفْيِهِ وَلَا حُدُوثِ الْعَالَمِ وَلَا قِدَمِهِ، وَلَا النَّسْخِ وَلَا الْمَنْعِ مِنْ النَّسْخِ، وَالسُّكُونُ إلَى هَذَا وَبَرْدُ قَلْبِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَافِرٌ لَا يَعْتَقِدُ إذْ لَوْ كَانَ لِهَذَا اعْتِقَادٌ بِحَرَكَةٍ لَهَشَّ إلَى نَاصِرِ مُعْتَقَدِهِ، وَلَأَنْكَرَ عَلَى مُفْسِدِ مُعْتَقَدِهِ. فَالْوَيْلُ لِلْكَاتِمِ مِنْ الْمُتَكَشِّفِينَ، وَإِرْضَاءُ الْخَلْقِ بِالْمُعْتَقَدَاتِ وَبَالٌ فِي الْآخِرَةِ، وَمُبَاغَتَتُهُمْ فِيهَا وَمُكَاشَفَتُهُمْ بِهَا وَبَالٌ فِي الدُّنْيَا وَتَغْرِيرٌ بِالنَّفْسِ، وَلَا يَنْجُو مِنْهُمْ الْمُشَارِكُ لَهُمْ فِي الْحِيَلِ. وَالْأَحْرَى بِالْإِنْسَانِ أَنْ يَتَمَاسَكَ عَمَّا فِيهِ وَيَتْرُكَ

1 / 137