نسلوا «١» من كل حدب «٢»، وأتوا من كل فج «٣»، من مشارق الأرض ومغاربها، فتفكر معهم فيما يعيد للإسلام مجده، أو ما يعلي سلطانه وشأنه، وتقف على حال المسلمين في الأقطار المختلفة- والعلم أول خطوة إلى العمل- إلى حكم أخرى، تنبهك هذه إليها.
تلك دعامات الإسلام، فاحرص عليها، ونمّها بالأعمال الصالحة الآخرى واللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ «٤» .
٣- باب: بيان المسلم والمهاجر
عن عبد الله بن عمرو عن النّبيّ ﷺ قال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» . [رواه البخاري وأبو داود والنسائي] «٥» .
شرحت لك في الحديث الماضي كلمة الإسلام، وبينت المراد بالهجرة في الحديث الأول.
وهنا يبين الرسول صلى الله عليه وآله الجدير بلقب الإسلام والجدير بلقب المهاجرة، فالأول:
من سلم الناس من شره مسلمين أو غير مسلمين ممن لهم ذمة أو عهد وإن كانت حرمة المسلمين فوق حرمة غيرهم ومنع الأذى عنهم في المقدمة- وهذه حكمة تخصيصهم بالذكر- أما المحاربون المعتدون على ديننا أو بلادنا فنحاربهم بكل ما استطعنا، وخص اللسان واليد بالسلامة من شرهما دون باقي الأعضاء لأن أكثر الإيذاء بهما وإن كان بغيرهما أيضا محرما: فالمسلم ليس بسبّاب ولا شتام، ولا مغتاب ولا
_________
(١) نسلوا: أسرعوا.
(٢) الحدب: المكان المرتفع.
(٣) الفج: الطريق بين جبلين، والمراد أتوا مسرعين من كل مكان.
(٤) سورة التوبة، الآية: ١٢٠.
(٥) رواه البخاري في كتاب: الإيمان، باب: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (١٠) . ورواه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل (١٦٢) . ورواه النسائي في كتاب: الإيمان، باب: أي الإسلام أفضل (٥٠١٤) .
1 / 15