============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف (24 باب أكل الصوفية 3 وأما أكل الصوفية ، فإنهم لا يأكلون إلآ عن فاقة، وذلك موافقة للسنة لقوله : أجوع يومين وأشبع يوما ، والغالب على الصوفية الجوع، ثم يأكلون على الأدب والإيتار، ويمنعون نفوسهم عن الشره والأكل بالاختيار، لأنهم أهل الإيثار، قد أثنى الله عز 6 وجل على المؤثرين على آنفسهم بعد وجود الجهد والخصاصة، قال الله تعالى : ويوثرون على آنفسهم ولو كان بهم خصاصة}، فالايثار من أخلاقهم .
وهم في الأكل على ثلاث طبقات: طبقة قد جعلوا لأنفسهم قوتا معلوما وآيسوا 9 أنفسهم من عاداتها لئلا تطالبهم في أوقات عادات النفوس ، فهم يرفضون أنفسهم في الأكل ويخالفونها في سائر أحكامها، وطبقة لا يأخذون الأسباب إلآ في أوقات الضرورات، يأكلون ذلك من وقت إلى وقت ، وينتظرون الحق في تفاوت أوقاتهم ثم في 12 جميع أحكامهم، وطبقة لا يأكلون إلا من الغيب من غير إسراف ولا مسألة ولا طمع ولا تعرض، والله عز وجل يطعمهم ويسقيهم ، لا يرون الوسائط بل يرون ذلك من المسبب: 1 فالطبقة الأولى أهل تمييز وتدبير وحاهدة ورياضة، وهم بالعلم مقيدون، لم يجاوزوا حد الرسوم والعادات، والطبقة الثانية هم أهل التوكل ينتظرون أحكام الحق وتقديره، وهم بالحقيقة مقيدون، ليس لهم مراد ولا اختيار ، لا يملكون شيئا ولا يملكهم شيء، 18 وهم أبناء الوقت (67) يراقيون أسباب الغيب، والطبقة الثالثة هم آهل الحق عز وجل، الله يطعمهم ويسقيهم، قد جاوزوا المقامات ووصلوا إلى حقيقة الكرامات، تجري الأحكام عليهم بمراد الحق وليس لأسبابهم إظهار فيعرف أو أحكام فتوصف، بل هم في 2 تقليب الحق منقلبون، فبرزقه يعيشون وفي كنفه يلوذون وباختياره يتحركون، وكيف توصف أحوالهم والله عز وجل المحرك لأحكامهم والمقلب لأسبابهم؟
ثم لهم في الأكل آداب خفية ومطالبات دقيقة ورسوم شريفة وأحوال كريمة، فإنهم 3) للسنة: النة ص 15)- 16) يجاوزوا حد: يجاوز احد ض 7) القرآن الكريم 9/59.
ن . ..
Page 62