وكذلك حين تقرأ لتولستوي أو أناطول فرانس تحس بإلهام جان جاك روسو: إنما دلالة وجودي أن أحيا للمجتمع، وأن أحب الأرض والناس، وأن أدعو للسلام والتعاون للإنسانية.
وإذا شئنا الإيجاز في كلمات قليلة قلنا: إن المركيز دوساد يؤمن بأن الطبيعة البشرية عدوانية، وأن أساسها الرغبة في التحطيم، وأن ما نسميه لذة إنما هو تحطيم وهدم، بل تعذيب.
ومن هنا سمى الشذوذ الجنسي، الذي يفسد الرجل السوي ويتخذ فساده نزعة إلى التعذيب، سمي السادية.
ولكن حين نقول إن نيتشه أو سارتر ينزعان إلى المركيز دوساد لا نعني بالطبع أنهما يسيران إلى آخر الشوط الذي قطعه، ولكننا نقصد إلى أن الاتجاه السادي عند المركيز دوساد ينبع من القول بأن أساس الود البشري هو الأنانية العدوانية ونشدان السعادة الفردية التي يجب ألا يخالطها أي اعتبار للمجتمع.
وجميع الوجوديين من أتباع سارتر يعترفون بأن نيتشه كان أحد الآباء الروحيين للمذهب الوجودي.
وما هي دعوة نيتشه؟
العجب في نيتشه أنه أناني؛ لأنه يريد أن يكون إيثاريا، وكأنه يقول: يجب على كل إنسان أن يحب نفسه فلا يعين ضعيفا؛ لأن مصلحة المجتمع في المستقبل إنما هي زوال الضعف، فلنترك الضعفاء يموتون وينقرضون؛ لأن انقراضهم يتيح للمجتمع أن يرقى ويزداد قوة بعد قوة!
وإذن أنت تحب نفسك وتؤثرها على غيرك على سبيل التضحية، بحيث تنكر إحساسات الحب والحنان والعطف وتأخذ بشيء من قوانين الغابة التي لا ترحم ضعيفا أو كسيرا أو جريحا.
هذا نيتشه، وقد قال أندريه جيد: يجب أن تموت البذرة كي تولد مرة أخرى.
ولكن ليس في هذه العبارة ما يمكن أن يحمل على أنه من إيحاء المركيز دوساد، وإن كانت تنحو منحاه؛ إذ هو يقول بأن الحياة تحتاج إلى التحطيم قبل أن تتجدد، ونحن نجد في سارتر دعوة عنيفة إلى الانفرادية تنكر الاتجاهات الاشتراكية وتقول بمسئولية الإنسان أمام نفسه وليس أمام مجتمعه، وقد نجد إنكارا لهذا القول في بعض كلماته، ولكن منحى فلسفته يؤدي إلى هذا الاستنتاج.
Page inconnue