أبيات بيتًا صحيح القسمة، يعجبني، وهو:
هي الخطوب فمن ماضٍ ومنتظر ... وهو الأنام فمن ساهٍ ومعتبر
ولعلم الله اللسان سبع عقور، ورائد للمنية صدوق، جعله مزمومًا مخطومًا، وعن التصرف بذاته عاجزًا مقصورًا، فليس يجري ما لم يجره فارسه من العقل، ولا يفعل ما لم يأمره أميره من الرأي، ولم يجعله كالعين التي ترى ما نحاه اللاحظ بطرفة وما لم ينحه، وكالأذن التي ما قصد السامع لاستماعه وما لم يقصده. وكل ذلك لأنه صاحب الفتك والإمضاء، وينبوع الشر والبلاء، وكان إبراهيم بن أدهم الزاهد الناسك يطيل السكوت فليم في ذلك فقال: الكلام على أربعة وجوه: فمنه كلام ترجوه منفعته وتخشى عاقبته، فالفضل فيه السلامة منه، وكلام لا نرجو منفعته ولا تخشى عاقبته فأقل ما في تركه خفة المؤونة على بدنك ولسانك، وكلام لا ترجو منفعته وتخشى عاقبته، وهذا هو الداء العضال، ومن الكلام كلام ترجو منفعته، ولا تخشى عاقبته، وهو الذي يجب عليك نشره، فإذا به قد بهرج ثلاثة أرباع الكلام، هذا على بلاغة إبراهيم بن أدهم وحكمته وكثرة معارضته أهل البيان، وهو الذي سأل عبد الله بن شبرمة بن طفيل الضبي قاضي أبي جعفر عن مسألة فأسرع الجواب فقال: تأن. فقال له ابن شبرمة: إذا سهل الطريق لم أحتشد وهذا نسيبه يروى لأياس بن معاوية مشهور، وفي إبراهيم بن أدهم يقول محمد بن كناسة، وكان إبراهيم من أخواله بني عجل:
رأيتك لا يكفيك ما دونه الغنى ... وقد كان يكفي دون ذلك أبن أدهما
وكان يرى الدنيا صغيرًا كبيرها ... وكان لحق الله فيها معظما
واكثر ما يلفى مع القوم صامتًا ... وإن قال بذّ القائلين وأحكما
1 / 72