وقيل: حضر الحسن وليمة، وحضرها رجل من المتقشفين، فلما قدمت الحلواء، رفع يده رياء وتصنعا، فأكل الحسن، وقال: كل يا لكع، فلنعمة الله عليك في الماء البارد أعظم من نعمته عليك في الحلواء.
وقيل: إن الرجل كان اختزل من الطعام دجاجة، فقال الحسن: رد ما هو عليك حرام، وكل إن شئت ما هو لك حلال، واحذر الرياء والتصنع؛ فإن الله تعالى يمقت فاعلهما.
وقيل: رأى الحسن شيخا في جنازة، فلما فرغ من الدفن، قال له الحسن: يا شيخ! أسألك بربك: أتظن أن هذا الميت يود أن يرد إلى الدنيا فيزيد من عمله الصالح، ويستغفر الله من ذنوبه السالفة؟ فقال الشيخ: اللهم نعم! فقال الحسن: فما بالنا لا نكون كلنا كهذا الميت؟! ثم انصرف وهو يقول: أي موعظة؟ ما أبلغها لو كان بالقلوب حياة؟ ولكن لا حياة لمن تنادي.
ولقيه رجل -وهو يريد المسجد في ليلة مظلمة ذات ردغ- فقال: أفي مثل هذه الليلة تخرج يا أبا سعيد؟! فقال: يا ابن أخي! هو التسديد أو الهلكة.
وكان -رحمه الله- صاحب ليل.
وكان يقول: ما رأيت شيئا من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل، وإنها لمن أفعال المتقين.
وكان يقول: صلاة الليل فرض على المسلمين، ولو قدر حلب شاة أو فواق ناقة.
Page 29