Littérature pour enfants : une très brève introduction
أدب الأطفال: مقدمة قصيرة جدا
Genres
وعلى نحو تقليدي، فقد وصف مؤرخو أدب الأطفال كتابات القرن الثامن عشر بأنها استمرار للتحيز المبكر تجاه التعليم والتوجيه، بينما تقدمت التسلية للصفوف الأمامية فقط على أيدي مجموعة من كتاب ورسامي القرن التاسع عشر، مثل واشنطن إيرفنج (1783-1859)، وناثانيال هوثورن (1804-1864)، وإدوارد لير (1812-1888)، وتشارلز كينجسلي (1819-1875)، ولويزا ماي ألكوت (1832-1888)، ولويس كارول (1832-1898)، ووالتر كرين (1845-1915)، وراندولف كالديكوت (1846-1886)، وكايت جرينواي (1846-1901)، وجويل تشاندلر هاريس (1848-1908)، وهوارد بايل (1853-1911). وقد ظهر الكثير من الأعمال ذات المستوى الأدبي الراقي والجدارة الفنية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حتى إن تلك الفترة صارت تعرف باسم «العصر الذهبي» لأدب الأطفال. ولكن مثل هذه المسميات العامة غير التفصيلية أصبح مفهوما أنها مسميات مختزلة؛ فقد كان هناك الكثير من الأعمال من أجل تسلية وجذب القراء المبكرين، ونشر كم كبير من كتابات الأطفال سيئة الصياغة ذات الأسلوب التعليمي المباشر في القرن التاسع عشر. ولكن ما حدث هو أنه خلال القرن التاسع عشر، حدث تراجع تدريجي للطفل العقلاني الجاهل، كما صوره أدب الأطفال في عصر التنوير، ليحل محله أطفال تركيبتهم أكثر تعقيدا - سواء كشخصيات أو قراء - في حين أتاحت التطورات في تكنولوجيا النشر إنتاج تشكيلة كبيرة من الكتب والمطبوعات الدورية، والمقالات المطبوعة من أجل الأطفال - والتي تتميز جميعها بألوانها الغنية وتصميماتها الجذابة - بكميات ضخمة وأسعار متنوعة.
أصبح أدب الأطفال مجالا مربحا للغاية بالنسبة للكثير من الناشرين، لا سيما دور النشر الدينية، مثل «جمعية الأعمال الأدبية الدينية» (بداية من عام 1799)، و«جمعية نشر المعارف المسيحية» (بداية من 1698)، والتي انطلقت لمواجهة ذلك النوع من الأدب الرائج المتجسد في الغايات التي يغلب عليها الطابع الحسي لنشر كتيبات الحكايات والأشعار، وكذلك المطبوعات الحسية الرخيصة المسماة «بيني دريدفول». وفي حين أن معظم هذه المطبوعات لم تكن مكتوبة للأطفال، إلا أنه غالبا ما كان الأطفال هم من يقرؤها. وقد حارب ناشرون، مثل «جمعية الأعمال الأدبية الدينية» و«جمعية نشر المعارف المسيحية»، والكثير من الناشرين التجاريين الذين ساروا على نهجهما، هذا الاتجاه باستخدام السلاح نفسه من خلال استخدام استراتيجيات سرد وتقديم مشابهة - كالحبكات الروائية المفعمة بالحيوية، والشخصيات الصغيرة المثيرة للتعاطف، والرسومات الجريئة - من أجل إيصال رسائل تتماشى مع الجهات الدينية التي يمثلونها. ولم ينتج عن دوافعهم الجديرة بالاحترام بالضرورة نصوص مثيرة للضجر؛ فمن أجل إظهار عواقب الخطيئة، كان لا بد للحبكات الروائية لتلك الأعمال أن تبرز أولا الرذائل والشرور، في حين أنه من أجل الحض على الإحسان، روى المؤلفون حكايات مثيرة للشفقة عن ضحايا من الأطفال البؤساء والأمهات الفاضلات الذين عانوا حتى الموت بسبب الفقر. وبنهاية القرن التاسع عشر، امتد النشر للأطفال ليشمل كل شيء بداية من هذه القصص الهادفة ذات المغزى الديني والتي تدمي القلب، ووصولا إلى الخيال والقصص الخرافية والقصص التافهة ومجموعة من الأجناس الأدبية التي تشمل المغامرات وقصص الحيوانات والقصص المدرسية، وكان هناك أيضا كتب مصورة مبتكرة ومطبوعات دورية. لقد صار مجال النشر للأطفال ديناميكيا للغاية وناجحا تجاريا حتى إنه في عام 1899، وبينما كان هنري جيمس يتفكر في «مستقبل الرواية»، أبدى هذه الملاحظة الغاضبة:
إن ذلك الأدب - كما يمكن أن نطلق عليه من باب التيسير - المخصص للأطفال هو صناعة تحتل في حد ذاتها مساحة كبيرة للغاية تصل إلى ربع الساحة الأدبية. وقد علمنا أنه يمكن تحقيق ثروات عظيمة - إن لم تكن شهرة عظيمة أيضا - من خلال الكتابة لصبية المدارس ...
وقد نبع جانب كبير من سخط جيمس من حقيقة أنه كان يعمل على إنتاج أعمال أدبية فائقة الجودة تحتل مكانة بارزة، وشعر بأن جهوده يعرقلها سوق تجاري لا يميز بدقة بين الكتابة الجيدة وتلك التي يستمتع بها هؤلاء الذين اعتبرهم «غير مفكرين وليست لديهم قدرة على التمييز»، وبخاصة النساء والأطفال. ولكن الواقع هو أنه بنهاية القرن التاسع عشر، كان سوق النشر يحدد فروقا دقيقة بين القراء، ولم يحدث ذلك في أي مجال أكثر من مجال النشر للأطفال المقسم إلى طبقات، والذي تعمد تقسيم جمهوره إلى فئات، وحرص على إرضاء أذواق القراء من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية ومستويات الدخل والاهتمامات ومن كلا الجنسين. لكن جيمس كان محقا في نقطة ما؛ فما يسمى الآن «الروايات مختلطة الجمهور» - وهي نصوص تروق جمهورا مختلطا من الكبار والأطفال - كان موجودا في الماضي أيضا. ففي الأصل، كان الأكثر شيوعا هو أن «يعبر» الأطفال إلى نطاق نصوص الكبار، ليجلبوا تلك الأعمال التي تروقهم إلى النطاق الخاص بهم. والكثير من النصوص المبكرة التي عادة ما تدرج ضمن تاريخ أدب الأطفال تنتمي لهذه النوعية، وتعتبر روايتا «رحلة الحاج»، و«روبنسون كروزو» (1719)، وروايات شارلوت ماري يونج (وبخاصة «سلسلة ديزي» 1856) أمثلة لهذه النوعية. ولكن تماما مثلما انجذب الكبار في نهايات القرن العشرين إلى سلسلتي «هاري بوتر» و«مواده المظلمة»، فإن كثيرا من كتب الأطفال خلال القرن التاسع عشر قد حظيت بمتابعة كبيرة لا يشوبها أي شعور بالقلق من قبل الكبار. والأمثلة المبكرة للأدب القصصي مختلط الجمهور تتضمن رواية تشارلز كينجسلي «أطفال الماء» (1863)، وروايتي لويس كارول «أليس في بلاد العجائب» (1865) و«عبر المرآة» (1871)، والقصة اللقيطة التي ألفتها هيسبا ستريتون بعنوان «الصلاة الأولى لجيسيكا» (1867)، ونسبة كبيرة من أعمال مارك توين (1835-1910). وربما كانت قصص مغامرات الصبية هي أهم منطقة من مناطق القراءة المختلطة. وقد كان الرؤساء ورؤساء الوزراء من بين الكثيرين من الكبار الذين أرجعوا الفضل لقصص الصبية - كتلك التي كتبها كابتن ماين ريد (1818-1883)، وجي إيه هنتي (1832-1902) - في تعليمهم الكثير عن العالم الطبيعي والتاريخ والجغرافيا عندما كانوا صغارا، والذين عندما كبروا، صاروا قراء متحمسين لقصص روبرت لويس ستيفنسون المخصصة للصبية، وبخاصة رواية «جزيرة الكنز» (1881).
لقد اشتكى هنري جيمس من القصص المكتوبة لطلاب المدارس، مع أن نطاقا مكتمل التطور من الكتابة للفتيات قد تطور بنفس الدرجة خلال القرن التاسع عشر. فعندما بدأ النشر التجاري لكتب الأطفال، عادة ما كان الفتيان والفتيات يتشاركون الكتب والقصص نفسها، حتى لو طبعت تلك الكتب بزخارف نصوص موازية مختلفة قليلا. على سبيل المثال، كتاب «كتيب صغير وجميل للجيب» (1744) لجون نيوبيري، كان المقصد منه توجيه وتسلية كل من «السيد الصغير تومي» و«الآنسة الجميلة بولي»، وكان يوزع معه كرة ثنائية اللون للصبية أو وسادة دبابيس للفتيات، وكانت التعليمات تعطى لكليهما بأن يطلبا من مربيتهما أن تغرز دبوسا في الجانب الأحمر عند قيامهما بعمل جيد، ودبوسا في الجانب الأسود عند قيامهما بعمل سيئ. وكجزء من تقسيم الأسواق إلى طبقات في القرن التاسع عشر، كان الكثير من الكتب يستهدف الصبية «أو» الفتيات. وفي الغالب، كانت هذه قصصا متوازية. على سبيل المثال، كتب تدور قصصها في مدارس للصبية، وأخرى تدور قصصها في مدارس للفتيات، ولكن كان هناك أيضا اختلافات نوعية؛ فقصص المغامرات كانت تميل إلى أن توجه بالأساس إلى الصبية، بينما كانت القصص المنزلية أو العائلية توجه للفتيات. وعلى الرغم من أن معظم قصص الفتيات كانت تفتقر إلى البيئة المذهلة والحبكات المثيرة التي تتسم بها حكايات الاكتشافات والمعارك الموجهة للصبية، فإن الكثير من الشخصيات النسائية الشابة التي لا تنسى ولدت في تلك المرحلة، واستمرت في جذب المتابعين المتحمسين لفترات طويلة. وكان المؤلفون من أمريكا الشمالية بارعين على نحو خاص في تأليف الكتب التي تحتوي على شخصية فتاة جذابة ومفعمة بالحيوية، والأشهر بين تلك الشخصيات هي شخصية «جو مارش» التي قدمتها لويزا ماي ألكوت في كتابها «نساء صغيرات» (1868)، ولكن كان هناك تراث سابق من القصص المكتوبة عن هذه النوعية من الفتيات. على سبيل المثال، كان لرواية «هايدي» (1880-1881، وترجمت سنة 1884) للمؤلفة السويسرية جوهانا سبيري، متابعة جيدة خلال القرن الماضي، وفي عام 1937 كانت واحدا من أوائل كتب الأطفال التي يتم تحويلها إلى فيلم سينمائي من إنتاج شركات هوليود، وهو الفيلم الذي كان محطة الانطلاق للنجمة شيرلي تمبل. وقد استمر تدفق شخصية الفتاة الجذابة من أمريكا الشمالية في القرن التالي مع روايات مثل «آن في المرتفعات الخضراء» (1908)، و«ريبيكا من مزرعة سونيبروك» (1903)، و«بوليانا» (1913).
كتب الأطفال في عصر تمركز حول الطفل
إن ذلك السيل من شخصيات الفتاة الحيوية في بدايات العقد الأول من القرن العشرين ما هو إلا عرض للولع الثقافي بفكرة الطفولة (كمفهوم مستقل عن الأطفال الحقيقيين) الذي اتسمت به بدايات القرن العشرين، والذي وصل إلى أقصى ذروته في رواية جيمس ماثيو باري «بيتر بان، الصبي الذي رفض أن يكبر»، والتي عرضت نسختها المسرحية الأصلية سنة 1904؛ فقد استلهم باري روح العصر الخاصة ببداية القرن العشرين؛ مما ساعد في التبشير بقدوم «قرن الطفل»، ذلك القرن الذي شهد احتفاء بمخيلة وإبداع الطفولة. والدليل على الأهمية المستمرة التي أعطيت للطفولة موجود في المناقشات حول الحداثة والقوة الرمزية التي منحت للأطفال في فترة ما بعد الحرب، حينما كان الأطفال يمثلون الأمل في المستقبل بعد حربين عالميتين والدخول إلى عصر الذرة. ومنذ عام 1989، سعت اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل إلى دعم حقوق الأطفال في حماية احتياجاتهم الأساسية في الحياة والازدهار. إن الأفكار المتغيرة بشأن الأطفال والطفولة والمثبتة بوضوح في هذا الملخص الموجز قد رسمت ملامحها تفصيلا في الكتابة للأطفال.
خلال النصف الأول من القرن العشرين، سيطرت رؤية خاصة للغاية عن الطفولة على أدب الأطفال الأنجلو-أمريكي؛ فشخصيات الأطفال في أدب الأطفال، أو القراء الأطفال الذين يفترض أنهم يقرءون ذلك الأدب، كانوا - مع بعض الاستثناءات القليلة للغاية - في مقتبل البلوغ من أبناء البيض ومن الطبقة المتوسطة، يعيشون في عائلات بها والدان ميولهما الجنسية سوية - وغالبا ما يكون هناك بعض الخدم بمنزل الأسرة - وفي ثقافة أبوية. وكانت الطفولة مرتبطة بقوة بالطبيعة، وكان الأطفال في تلك الكتب عادة ما يظهرون شديدي البراعة، سواء أكانوا يرتحلون ويعسكرون في مخيمات، أم يبحرون في السفن ويركبون الأحصنة، أم يحلون الجرائم، بل وكثيرا ما كانوا يتركون دون إشراف لأيام متتالية. وبوجه عام، كان أدب الأطفال يصور الطفولة كمرحلة متحررة من القلق أو الاحتياج، وهو ما دعم الإحساس بالحنين إلى الطفولة، والذي تجلى في بعض من الكتب الخالدة التي ألفت ما بين عامي 1900 و1950، ومن بينها رواية «الريح في أشجار الصفصاف» (1908) لكينيث جراهام، ومجموعة كتب «ويني الدبدوب» (1926-1928) لآلان ألكسندر ميلن. وهذه النغمة أكثر تكرارا في الكتب البريطانية عنها في الكتب المؤلفة في الولايات المتحدة، ولعل ذلك يعكس انخراط إنجلترا الأطول والأكثر تكلفة في حربين عالميتين، وأفول إمبراطوريتها الذي تزامن مع البزوغ العالمي لنجم الولايات المتحدة. وهكذا يمكن مساواة الحنين إلى الطفولة بإدراك ثقافي أكبر بأن التغييرات المرتبطة بالحداثة كانت تعمل كحلقات وصل تربط الحاضر بالماضي.
تطورات القرن العشرين
بحلول العقود الوسطى من القرن العشرين، لم يعد الحنين إلى الطفولة هو اللازمة المسيطرة على الكتابة للأطفال، وربما يكون أحد أسباب ذلك هو أن فترة الطفولة نفسها صارت أطول؛ حيث ارتفعت سن الانتهاء من الدراسة في إنجلترا والولايات المتحدة على حد سواء، بمعنى أن عددا أكبر من الأطفال ظلوا معتمدين على أولياء أمورهم لفترة أطول؛ ومن هنا - وعلى الأقل كنوع من رد الفعل لهذه التعديلات - ولدت ثقافة المراهقين؛ ففي أعقاب نشر رواية «الحارس في حقل الشوفان» (1951) للكاتب جيروم ديفيد سالينجر، بدأت أولى الكتب المكتوبة خصوصا للمراهقين في الظهور على قوائم كتب الأطفال في الولايات المتحدة، وقد تبع ذلك - بعد فترة من التأخير - ظهور تلك الكتب في المملكة المتحدة. وقد مالت أولى الكتب المخصصة للمراهقين - مثل رواية «الغرباء» (1967) للكاتبة سوزان إلويز هينتون - إلى رفض نموذج الشباب خالي البال، وبدلا من ذلك، وتماشيا مع الدراسات المؤثرة مثل دراسة «الطفولة والمجتمع» (1950) التي أعدها إيريك إريكسون، فقد ركزت على المشكلات التي تواجه الشباب في كفاحهم لكي يكونوا مستقلين. علاوة على ذلك، بدأ أدب الأطفال - بما يتضمنه من أفلام وأعمال تليفزيونية وغيرها من المصادر الأخرى للمعلومات والتسلية التي يستخدمها الشباب - في تقديم أفكار وتوفير خبرات بديلة من نوع كان يعتبر قبل ذلك خارج نطاق الطفولة. وهذا الأمر قد قاد البعض إلى الادعاء بأن مرحلة الطفولة - التي تقاس بقلة الخبرة، وبعيدا عن أنه قد تم تمديدها - كانت في الواقع في طريقها للاختفاء.
Page inconnue