Littérature pour enfants : une très brève introduction
أدب الأطفال: مقدمة قصيرة جدا
Genres
2
تعتبر رواية «المطارد» ردا حادا لوهم الطفولة الدائمة في «بيتر بان». تروي القصة - التي تدور أحداثها في وقت ما من المستقبل، حين تكون الأدوية الطبية فعالة جدا لدرجة أن البشر يعيشون إلى سن 200 عام أو تزيد، ولكنهم يصابون بالعقم نتيجة ذلك - حكاية تارين، وهو أحد الأطفال النادرين لوالدين رفضا تناول أدوية مكافحة الشيخوخة. ويتم تأجير تارين من قبل الكبار الذين يرغبون في تجربة الشعور بالأمومة والأبوة لساعة أو ساعتين، ولكن عندما يدنو من سن البلوغ، ويوشك أن يفقد جاذبيته، يجد أن عليه اتخاذ القرار بشأن ما إذا كان سيخضع للعملية الجراحية التي يطلقون عليها (بيتر بان)، والتي ستجعله يبدو طفلا إلى الأبد. ويتجلى الوجه المخيف لهذا المستقبل حين يدخل تارين إلى حانة يتجمع بها كل الذين خضعوا لعملية (بيتر بان)، ويرى كائنات تبدو في الثانية عشرة من العمر على الأكثر يحتسون الخمر، ويسبون، ويشتهون بعضهم بعضا. لقد حكم عليهم أن يكونوا أشخاصا بالغين في أجساد أطفال مدى الحياة.
لا تتضمن رواية «المطارد» أي إشارة إلى الحياة الآخرة، وليس هناك بين شخوص الرواية من يشعر بالأسف على عدم وجودها؛ فهؤلاء الذين يلوح لهم الموت في الأفق أخيرا يكونون مستعدين لختام حياتهم. في حين يجعل العلم من حلم كبار السن بالشباب الدائم أمرا ممكنا، تحث رواية «المطارد» القراء على التفكر بشأن العلاقات بين الموت والسن والأبدية بطرق مثيرة للاهتمام، وتوضح كذلك إلى أي مدى حاد أدب الأطفال المعاصر عن الرؤى المسيحية للمستقبل، والتي شكلت ملامحه لأكثر من ثلاثة قرون.
هل نتخلى عن المستقبل؟
إن التحول عن الاعتقاد في المستقبل الذي يتحكم إله في مقدراته إلى المستقبل الذي يصنعه البشر ويتحكمون فيه قد أشير إليه في إحدى أشهر رؤى المستقبل في السنوات الأولى من القرن العشرين في أدب الأطفال: رواية «قصة التميمة» (1906) للكاتبة إي نيسبيت، وهي قصة حول أربعة إخوة يكتشفون نصف تميمة قديمة في محل خردة. وهكذا ينقلهم هذا الجزء من التميمة إلى مراحل زمنية مختلفة؛ بحثا عن النصف الآخر منها. وتدور معظم الرواية حول رحلاتهم إلى الماضي، ولكن في المغامرة الأخيرة يذهبون إلى المستقبل، حيث يجدون كل شيء أفضل إلى حد كبير. ففي المستقبل، الهواء نظيف، وليس هناك فقر، وتم علاج الكثير من الأمراض، وأصبح الأطفال يحبون المدرسة (حيث أصبحت المناهج منطقية ومناسبة)، وأصبحت هناك مساواة بين الجنسين، وصارت الأزياء صحية ومريحة، وأصبحت وسائل النقل نظيفة وسهلة، والأفضل من ذلك أن الناس أصبحوا لا تساورهم أي مخاوف أو قلق، ويستمتعون بالعمل النافع الذي يعود بالفائدة على الجميع. وبعد جولتهم في لندن المستقبل هذه، تتحدث الطفلة الصغرى جين باسم الجميع حين تقول متعجبة: «أتمنى لو أننا نعيش في المستقبل!» ولكن، رأي جين هذا لا يوجد حاليا في الكتابات الموجهة للأطفال؛ فجميع الأعمال القصصية تقريبا تفترض أن الحياة ستصبح أكثر صعوبة وتقييدا مما هي عليه اليوم. ونظرا لأن القراء الصغار الذين توجه إليهم هذه الأعمال القصصية سوف يصبحون بدورهم مسئولين عن إدارة المستقبل القريب؛ فإن الإشارات الضمنية لهذا التحول من التفاؤل والإثارة إلى التشاؤم واليأس جديرة بالتأمل.
كانت نيسبيت تضيف إلى تقليد راسخ في الكتابة للأطفال يقدر الأمل والتفاؤل لقدرتيهما على تحفيز القراء، وافترضت أنه إذا ما تم إعداد هؤلاء القراء جيدا في صغرهم، فإنهم سيتمكنون في كبرهم من تحقيق تغيير اجتماعي إيجابي. وقد سعى العديد من كتب ودوريات الأطفال التي نشرت في العقود الأولى من القرن الماضي إلى إثارة اهتمام قرائها بالابتكارات العلمية والتكنولوجية؛ فكان القراء الصغار يشعرون بالإثارة لفكرة السفر فائق السرعة بر وجوا، وتطلعوا لاختراعات ميكانيكية من شأنها أن تقلل من الكدح وتجعل الحياة أكثر متعة، وتأملوا احتمال أن تتاح فرصة تجربة خوض المغامرات في الفضاء الخارجي للصغار. وبدءا من روايات الفانتازيا كأعمال نيسبيت وحتى رواية «أقواس ضد البارونات» (1934) للكاتب جيفري تريس - وهي إعادة سرد يسارية لقصة «روبن هود»، والتي تتطلع إلى وقت ما في المستقبل حين «يملك العوام ضعف ما يملكون الآن، ولن يكون هناك مزيد من الجوع أو الفقر في الأرض - وعد أدب الأطفال قراءه بأن المستقبل سيكون أفضل بكثير وأكثر إثارة إلى حد كبير من الحاضر.
بالإضافة إلى الوعد بمستقبل أفضل، عمل أدب الأطفال على خلق جيل قادر على صنع هذا المستقبل. فقد شهدت ثلاثينيات القرن العشرين صدور العديد من المطبوعات للأطفال التي تخبرهم صراحة بأنهم مطالبون بإصلاح العالم الذي سيرثونه، وأنهم لكي يفعلوا هذا عليهم أن يكونوا خبراء اقتصاديين، وعلماء، ومهندسين، وفنانين، ومعماريين، وفلاسفة من الطراز الأول. ويعد كتاب «مخطط تمهيدي للصبية والفتيات وآبائهم» (1932) الذي حررته الكاتبة ناعومي ميتشيسون مثالا نموذجيا على هذه المحاولة. وفي حين أن هذا الكتاب ليس عملا قصصيا بالمعنى الحرفي، فإن هذا الكتاب يتضمن العديد من القطع التأملية التي تدخل في مجال الخيال العلمي والفانتازيا في رؤيتهما للمستقبل. كما أنه يعد تذكرة لحقيقة أن الفن القصصي لم يكن يهيمن على النشر الموجه للأطفال إلى الحد الذي عليه الأمر اليوم.
مثل هذه الإصدارات لم تعد موجودة الآن؛ مما يجعل دراسة كيف دمجت ميتشيسون والمساهمون معها التفكير الإبداعي في بنية واقعية لتحفيز القراء الصغار على التفكير بشأن ما قد يبدو عليه المستقبل أمرا يستحق العناء. ويثير القيام بهذا الأمر أسئلة حول الأسباب التي لا تقف فحسب وراء توقف نشر هذا النوع والطابع من الإصدارات، وإنما محوه كذلك من تواريخ الكتابة للأطفال على نطاق واسع (وقد بدأ بعض العمل على مادة أمريكية منذ ذلك الوقت - انظر ميكينبرج 2006، ميكينبرج ونيل 2008). يشرح تمهيد ميتشيسون أن هذا الكتاب يهدف إلى «جعل الأشخاص الذين سيمسكون بزمام الأمور في العشرين عاما القادمة على وعي بشتى أنواع المعرفة والقيم» التي يحتاجون إليها لتصحيح أخطاء الماضي وبناء المستقبل بذكاء. وقد كلفت بعضا من أفضل المفكرين في ذلك الوقت للكتابة للأطفال حول مجالات خبراتهم، وشجعت القراء على القراءة في الفنون والعلوم والسياسة على قدم المساواة لأنه «لكي تكون مواطنا صالحا، سواء من أجل بلادك أو من أجل العالم، عليك أن تفهم كيف يتم تنظيم القوة والمعرفة والنظام معا، وكيف يمكن تغيير هذه المنظومة». إن كتاب «مخطط تمهيدي للصبية والفتيات وآبائهم» مكرس لإمداد الجيل الصاعد بالمهارات الفكرية والأيديولوجية والعملية الضرورية لإدراك ذلك العالم المجسد في رواية «قصة التميمة». لقد كان تقدميا في سياساته على نحو جريء، وتناول التنمية في روسيا - وخاصة الخطة الخمسية - كنموذج سوف يبنى عليه مستقبل ناجح.
شكل 5-3: صورة من رواية أليكس ويدينج وجون هارتفيلد «إيدي والغجر» (1935). هذه الصورة التي تعبر عن الصداقة التي تتجاوز الفروق الطبقية والعرقية تعد نمطية في كتب الأطفال التقدمية في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين.
3
Page inconnue