98

Adab du monde et de la religion

أدب الدنيا والدين

Maison d'édition

دار مكتبة الحياة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1407 AH

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Soufisme
غُرُورٌ، وَنَعِيمٌ، لَوْلَا أَنَّهُ عَدِيمٌ، وَمُلْكٌ، لَوْلَا أَنَّهُ هَلَكٌ، وَغَنَاءٌ، لَوْلَا أَنَّهُ فَنَاءٌ، وَجَسِيمٌ، لَوْلَا أَنَّهُ ذَمِيمٌ، وَمَحْمُودٌ، لَوْلَا أَنَّهُ مَفْقُودٌ، وَغِنًى، لَوْلَا أَنَّهُ مُنًى، وَارْتِفَاعٌ، لَوْلَا أَنَّهُ اتِّضَاعٌ، وَعَلَاءٌ، لَوْلَا أَنَّهُ بَلَاءٌ، وَحُسْنٌ، لَوْلَا أَنَّهُ حُزْنٌ، وَهُوَ يَوْمٌ لَوْ وُثِقَ لَهُ بِغَدٍ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: قَدْ مَلَكَ الدُّنْيَا غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْ رَاغِبٍ وَزَاهِدٍ، فَلَا الرَّاغِبُ فِيهَا اسْتَبْقَتْ، وَلَا عَنْ الزَّاهِدِ فِيهَا كَفَّتْ. وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
هِيَ الدَّارُ دَارُ الْأَذَى وَالْقَذَى ... وَدَارُ الْفَنَاءِ وَدَارُ الْغِيَرْ
فَلَوْ نِلْتهَا بِحَذَافِيرِهَا ... لَمِتَّ وَلَمْ تَقْضِ مِنْهَا الْوَطَرْ
أَيَا مَنْ يُؤَمِّلُ طُولَ الْخُلُودِ ... وَطُولُ الْخُلُودِ عَلَيْهِ ضَرَرْ
إذَا مَا كَبِرْت وَبَانَ الشَّبَابُ ... فَلَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَ الْكِبَرْ
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَنَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَقَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَعَيْنٍ لَا تَدْمَعُ. هَلْ يَتَوَقَّعُ أَحَدُكُمْ إلَّا غِنًى مُطْغِيًا أَوْ فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُقَيِّدًا، أَوْ الدَّجَّالَ فَهُوَ شَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوْ السَّاعَةَ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ» .
وَحُكِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﵇ أَنْ هَبْ لِي مِنْ قَلْبِك الْخُشُوعَ، وَمِنْ بَدَنِك الْخُضُوعَ، وَمِنْ عَيْنِك الدُّمُوعَ، فَإِنِّي قَرِيبٌ. وَقَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ﵇ أَوْحَى اللَّهُ إلَى الدُّنْيَا: مَنْ خَدَمَنِي فَاخْدِمِيهِ، وَمَنْ خَدَمَك فَاسْتَخْدِمِيهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: زِدْ مِنْ طُولِ أَمَلِك فِي قَصِيرِ عَمَلِك، فَإِنَّ الدُّنْيَا ظِلُّ الْغَمَامِ، وَحُلْمُ النِّيَامِ، فَمَنْ عَرَفَهَا ثُمَّ طَلَبَهَا فَقَدْ أَخْطَأَ الطَّرِيقَ، وَحُرِمَ التَّوْفِيقَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لَا يُؤَمِّنَنَّكَ إقْبَالُ الدُّنْيَا عَلَيْك مِنْ إدْبَارِهَا عَنْك، وَلَا دَوْلَةٌ لَك مِنْ إذَالَةٍ مِنْك. وَقَالَ آخَرُ: مَا مَضَى مِنْ الدُّنْيَا كَمَا لَمْ يَكُنْ، وَمَا بَقِيَ مِنْهَا كَمَا قَدْ مَضَى. وَقِيلَ لِزَاهِدٍ: قَدْ خَلَعْت الدُّنْيَا فَكَيْفَ سَخَتْ نَفْسُك عَنْهَا؟ فَقَالَ: أَيْقَنْت أَنِّي أَخْرُجُ مِنْهَا كَارِهًا، فَرَأَيْت أَنْ أَخْرُجَ مِنْهَا طَائِعًا. وَقِيلَ لِحُرْقَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ: مَا لَك تَبْكِينَ؟ فَقَالَتْ: رَأَيْت لِأَهْلِي غَضَارَةً، وَلَنْ تَمْتَلِئَ دَارٌ فَرَحًا، إلَّا امْتَلَأَتْ تَرَحًا. وَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: مَنْ جَرَّعَتْهُ الدُّنْيَا حَلَاوَتَهَا

1 / 112