Adab du monde et de la religion

al-Mawardi d. 450 AH
84

Adab du monde et de la religion

أدب الدنيا والدين

Maison d'édition

دار مكتبة الحياة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1407 AH

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Soufisme
الْقُلُوبِ وَقِيلَ لِلْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ ﵀: مَا أَعْجَبُ الْأَشْيَاءِ؟ فَقَالَ: قَلْبٌ عَرَفَ اللَّهَ ﷿ ثُمَّ عَصَاهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَلِبَّاءِ: يُدِلُّ بِالطَّاعَةِ الْعَاصِي وَيَنْسَى عَظِيمَ الْمَعَاصِي. وَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ ﵁: أَيُّمَا أَحَبُّ إلَيْك رَجُلٌ قَلِيلُ الذُّنُوبِ قَلِيلُ الْعَمَلِ، أَوْ رَجُلٌ كَثِيرُ الذُّنُوبِ كَثِيرُ الْعَمَلِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵁: لَا أَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا. وَقِيلَ لِبَعْضِ الزُّهَّادِ: مَا تَقُولُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: خَفْ اللَّهَ بِالنَّهَارِ وَنَمْ بِاللَّيْلِ. وَسَمِعَ بَعْضُ الزُّهَّادِ رَجُلًا يَقُولُ لِقَوْمٍ: أَهْلَكَكُمْ النَّوْمُ. فَقَالَ: بَلْ أَهْلَكَتْكُمْ الْيَقِظَةُ. وَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: مَا التَّقْوَى؟ فَقَالَ: أَجَزْتَ فِي أَرْضٍ فِيهَا شَوْكٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: كَيْفَ كُنْتَ تَصْنَعُ؟ فَقَالَ: كُنْتُ أَتَوَقَّى. قَالَ: فَتَوَقَّ الْخَطَايَا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: أَيَضْمَنُ لِي فَتًى تَرْكَ الْمَعَاصِي ... وَأَرْهَنُهُ الْكَفَالَةَ بِالْخَلَاصِ أَطَاعَ اللَّهَ قَوْمٌ وَاسْتَرَاحُوا ... وَلَمْ يَتَجَرَّعُوا غُصَصَ الْمَعَاصِي وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْتَنِعُ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَيَكُفُّ عَنْ ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي فَهَذَا يَسْتَحِقُّ عَذَابَ اللَّاهِي عَنْ دِينِهِ، الْمُنْذَرِ بِقِلَّةِ يَقِينِهِ. وَرَوَى أَبُو إدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَتْ صُحُفُ مُوسَى - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ - كُلُّهَا عِبَرًا. عَجِبْت لِمَنْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ ثُمَّ يَضْحَكُ، وَعَجِبْت لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ يَتْعَبُ، وَعَجِبْت لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا ثُمَّ يَطْمَئِنُّ إلَيْهَا، وَعَجِبْت لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ ثُمَّ يَفْرَحُ، وَعَجِبْت لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَدًا ثُمَّ لَا يَعْمَلُ» . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «اجْتَهَدُوا فِي الْعَمَلِ فَإِنْ قَصَرَ بِكُمْ ضَعْفٌ فَكُفُّوا عَنْ الْمَعَاصِي» . وَهَذَا وَاضِحُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْكَفَّ عَنْ الْمَعَاصِي تَرْكٌ وَهُوَ أَسْهَلُ، وَعَمَلَ الطَّاعَاتِ فِعْلٌ وَهُوَ أَثْقَلُ. وَلِذَلِكَ لَمْ يُبِحْ اللَّهُ تَعَالَى ارْتِكَابَ الْمَعْصِيَةِ بِعُذْرٍ وَلَا بِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَالتَّرْكُ لَا يَعْجَزُ الْمَعْذُورُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَبَاحَ تَرْكَ الْأَعْمَالِ بِالْأَعْذَارِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَعْجَزُ الْمَعْذُورُ عَنْهُ. وَقَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً كَانَ قَوِيًّا فَأَعْمَلَ قُوَّتَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ كَانَ ضَعِيفًا فَكَفَّ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيُّ

1 / 98