Adab du monde et de la religion
أدب الدنيا والدين
Maison d'édition
دار مكتبة الحياة
Édition
الأولى
Année de publication
1407 AH
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Soufisme
غَيَّرَ اسْمَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنَا بِالتَّوَكُّلِ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْحِيَلِ وَالتَّسْلِيمِ إلَى الْقَضَاءِ بَعْدَ الْإِعْوَازِ.
وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: «ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ فَذَكَرَ فِيهِ خَيْرًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ مَعَنَا حَاجًّا فَإِذَا نَزَلْنَا مُنْزِلًا لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي حَتَّى نَرْحَلَ، فَإِذَا ارْتَحَلْنَا لَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ اللَّهَ ﷿ حَتَّى نَنْزِلَ. فَقَالَ ﷺ: فَمَنْ كَانَ يَكْفِيهِ عَلَفَ نَاقَتِهِ وَصُنْعَ طَعَامِهِ؟ قَالُوا كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: كُلُّكُمْ خَيْرٌ مِنْهُ» .
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لَيْسَ مِنْ تَوَكُّلِ الْمَرْءِ إضَاعَتُهُ لِلْحَزْمِ، وَلَا مِنْ الْحَزْمِ إضَاعَةُ نَصِيبِهِ مِنْ التَّوَكُّلِ. وَإِنْ كَانَ تَقْصِيرُهُ لِزُهْدٍ وَتَقَنُّعٍ فَهَذِهِ حَالُ مَنْ عَلِمَ بِمُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ بِتَبِعَاتِ الْغِنَى وَالثَّرْوَةِ، وَخَافَ عَلَيْهَا بَوَائِقَ الْهَوَى وَالْقُدْرَةِ، فَآثَرَ الْفَقْرَ عَلَى الْغِنَى، وَزَجَرَ النَّفْسَ عَنْ رُكُوبِ الْهَوَى.
فَقَدْ رَوَى أَبُو الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ شَمْسُهُ إلَّا وَعَلَى جَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ يَسْمَعُهُمَا خَلْقُ اللَّهِ كُلُّهُمْ إلَّا الثَّقَلَيْنِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إلَى رَبِّكُمْ إنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى» . وَرَوَى زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ﵃ أَجْمَعِينَ - أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «انْتِظَارُ الْفَرْجِ مِنْ اللَّهِ بِالصَّبْرِ عِبَادَةٌ، وَمَنْ رَضِيَ مِنْ اللَّهِ ﷿ بِالْقَلِيلِ مِنْ الرِّزْقِ رَضِيَ اللَّهُ ﷿ مِنْهُ بِالْقَلِيلِ مِنْ الْعَمَلِ» . وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: مِنْ نُبْلِ الْفَقْرِ أَنَّك لَا تَجِدُ أَحَدًا يَعْصِي اللَّهَ لِيَفْتَقِرَ.
فَأَخَذَهُ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ فَقَالَ:
يَا عَائِبَ الْفَقْرِ أَلَا تَزْدَجِرْ ... عَيْبُ الْغَنِيِّ أَكْثَرُ لَوْ تَعْتَبِرْ
مِنْ شَرَفِ الْفَقْرِ وَمِنْ فَضْلِهِ ... عَلَى الْغِنَى إنْ صَحَّ مِنْك النَّظَرْ
أَنَّك تَعْصِي لِتَنَالَ الْغِنَى ... وَلَسْتَ تَعْصِي اللَّهَ كَيْ تَفْتَقِرْ
وَقَالَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ:
دَلِيلُك أَنَّ الْفَقْرَ خَيْرٌ مِنْ الْغِنَى ... وَأَنَّ قَلِيلَ الْمَالِ خَيْرٌ مِنْ الْمُثْرِي
لِقَاؤُك مَخْلُوقًا عَصَى اللَّهَ بِالْغِنَى ... وَلَمْ تَرَ مَخْلُوقًا عَصَى اللَّهَ بِالْفَقْرِ
1 / 217