192

Adab du monde et de la religion

أدب الدنيا والدين

Maison d'édition

دار مكتبة الحياة

Édition

الأولى

Année de publication

1407 AH

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Soufisme
قِيمَةُ كُلِّ نِعْمَةٍ شُكْرُهَا. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: كُفْرُ النِّعَمِ مِنْ أَمَارَاتِ الْبَطَرِ وَأَسْبَابِ الْغِيَرِ. وَقَالَ بَعْضُ الْفُصَحَاءِ: الْكَرِيمُ شَكُورٌ أَوْ مَشْكُورٌ، وَاللَّئِيمُ كَفُورٌ أَوْ مَكْفُورٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: لَا زَوَالَ لِلنِّعْمَةِ مَعَ الشُّكْرِ، وَلَا بَقَاءَ لَهَا مَعَ الْكُفْرِ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ:
شُكْرُ الْإِلَهِ بِطُولِ الثَّنَاءِ ... وَشُكْرُ الْوُلَاةِ بِصِدْقِ الْوَلَاءِ
وَشُكْرُ النَّظِيرِ بِحُسْنِ الْجَزَاءِ ... وَشُكْرُك الدُّونَ بِحُسْنِ الْعَطَاءِ
وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
فَلَوْ كَانَ يَسْتَغْنِي عَنْ الشُّكْرِ مَاجِدٌ ... لِعِزَّةِ مُلْكٍ أَوْ عُلُوِّ مَكَانِ
لَمَا أَمَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ بِشُكْرِهِ ... فَقَالَ: اُشْكُرُوا لِي أَيُّهَا الثَّقَلَانِ
فَإِنَّ مَنْ شَكَرَ مَعْرُوفَ مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهِ، وَنَشَرَ أَفْضَالَ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ، فَقَدْ أَدَّى حَقَّ النِّعْمَةِ، وَقَضَى مُوجِبِ الصَّنِيعَة، وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا اسْتِدَامَةُ ذَلِكَ إتْمَامًا لِشُكْرِهِ لِيَكُونَ لِلْمَزِيدِ مُسْتَحِقًّا وَلِمُتَابَعَةِ الْإِحْسَانِ مُسْتَوْجِبًا.
حُكِيَ أَنَّ الْحَجَّاجَ أُتِيَ إلَيْهِ بِقَوْمٍ مِنْ الْخَوَارِجِ، وَكَانَ فِيهِمْ صَدِيقٌ لَهُ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ إلَّا ذَلِكَ الصَّدِيقُ فَإِنَّهُ عَفَا عَنْهُ وَأَطْلَقَهُ وَوَصَلَهُ. فَرَجَعَ الرَّجُلُ إلَى قَطَرِيِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ فَقَالَ لَهُ: عُدْ إلَى قِتَالِ عَدُوِّ اللَّهِ. فَقَالَ هَيْهَاتَ، غَلَّ يَدًا مُطْلِقُهَا
وَاسْتَرَقَّ رَقَبَةً مُعْتِقُهَا. وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
أَأُقَاتِلُ الْحَجَّاجَ فِي سُلْطَانِهِ ... بِيَدٍ تُقِرُّ بِأَنَّهَا مَوْلَاتُهُ
إنِّي إذًا لَأَخُو الدَّنَاءَةِ وَاَلَّذِي ... شَهِدَتْ بِأَقْبَحِ فِعْلِهِ غَدَرَاتُهُ
مَاذَا أَقُولُ إذَا وَقَفْتُ إزَاءَهُ ... فِي الصَّفِّ وَاحْتَجَّتْ لَهُ فَعَلَاتُهُ
أَأَقُولُ جَارَ عَلَيَّ لَا إنِّي إذًا ... لَأَحَقُّ مَنْ جَارَتْ عَلَيْهِ وُلَاتُهُ
وَتَحَدَّثَ الْأَقْوَامُ أَنَّ صَنَائِعًا ... غُرِسَتْ لَدَيَّ فَحَنْظَلَتْ نَخَلَاتُهُ
وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: الْمَعْرُوفُ رِقٌّ، وَالْمُكَافَأَةُ عِتْقٌ. وَمِنْ أَشْكَرِ النَّاسِ الَّذِي يَقُولُ:

1 / 207