Adab du monde et de la religion

al-Mawardi d. 450 AH
161

Adab du monde et de la religion

أدب الدنيا والدين

Maison d'édition

دار مكتبة الحياة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1407 AH

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Soufisme
وَمَا مَثَلُ مَنْ هَذِهِ حَالُهُ إلَّا كَمَا قَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ هَرْمَةَ: فَإِنَّك وَاطِّرَاحَك وَصْلَ سَلْمَى ... لَأَحْرَى فِي مَوَدَّتِهَا نَكُوبُ كَثَاقِبَةٍ لِحَلْيٍ مُسْتَعَارٍ ... لِأُذْنَيْهَا فَشَانَهُمَا الثُّقُوبُ فَأَدَّتْ حَلْيَ جَارَتِهَا إلَيْهَا ... وَقَدْ بَقِيَتْ بِأُذْنَيْهَا نُدُوبُ وَإِذَا صَفَتْ لَهُ أَخْلَاقُ مَنْ سَبَرَهُ، وَتَمَهَّدَتْ لَدَيْهِ أَحْوَالُ مَنْ خَبَرَهُ، وَأَقْدَمَ عَلَى اصْطِفَائِهِ أَخًا، وَعَلَى اتِّخَاذِهِ خِدْنًا، لَزِمَتْهُ حِينَئِذٍ حُقُوقُهُ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ حُرُمَاتُهُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ مَسْعَدَةَ: الْعُبُودِيَّةُ عُبُودِيَّةُ الْإِخَاءِ لَا عُبُودِيَّةُ الرِّقِّ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ جَادَ لَك بِمَوَدَّتِهِ، فَقَدْ جَعَلَك عَدِيلَ نَفْسِهِ. فَأَوَّلُ حُقُوقِهِ اعْتِقَادُ مَوَدَّتِهِ ثُمَّ إينَاسُهُ بِالِانْبِسَاطِ إلَيْهِ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ، ثُمَّ نُصْحُهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، ثُمَّ تَخْفِيفُ الْأَثْقَالِ عَنْهُ، ثُمَّ مُعَاوَنَتُهُ فِيمَا يَنُوبُهُ مِنْ حَادِثَةٍ، أَوْ يَنَالُهُ مِنْ نَكْبَةٍ. فَإِنَّ مُرَاقَبَتَهُ فِي الظَّاهِرِ نِفَاقٌ، وَتَرْكَهُ فِي الشِّدَّةِ لُؤْمٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «خَيْرُ أَصْحَابِك الْمُعِينُ لَك عَلَى دَهْرِك، وَشَرُّهُمْ مَنْ سَعَى لَك بِسُوقِ يَوْمٍ» . وَقِيلَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَصْحَابِ خَيْرٌ؟ قَالَ: الَّذِي إذَا ذَكَرْت أَعَانَك وَوَاسَاك، وَخَيْرٌ مِنْهُ مَنْ إذَا نَسِيت ذَكَّرَك» . وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِمَّنْ لَا يَلْتَمِسُ خَالِصَ مَوَدَّتِي إلَّا بِمُوَافَقَةِ شَهْوَتِي، وَمِمَّنْ سَاعَدَنِي عَلَى سُرُورِ سَاعَتِي، وَلَا يُفَكِّرُ فِي حَوَادِثِ غَدِيَ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: عُقُودُ الْغَادِرِ مَحْلُولَةٌ، وَعُهُودُهُ مَدْخُولَةٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: مَا وَدَّكَ مَنْ أَهْمَلَ وُدَّك، وَلَا أَحَبَّك مَنْ أَبْغَضَ حُبَّك. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: وَكُلُّ أَخٍ عِنْدَ الْهُوَيْنَا مُلَاطِفٌ ... وَلَكِنَّمَا الْإِخْوَانُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَقَالَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ: شَرُّ الْإِخْوَانِ مَنْ كَانَتْ مَوَدَّتُهُ مَعَ الزَّمَانِ إذَا أَقْبَلَ، فَإِذَا أَدْبَرَ الزَّمَانُ أَدْبَرَ عَنْك. فَأَخَذَ هَذَا الْمَعْنَى الشَّاعِرُ فَقَالَ: شَرُّ الْأَخِلَّاءِ مَنْ كَانَتْ مَوَدَّتُهُ ... مَعَ الزَّمَانِ إذَا مَا خَافَ أَوْ رَغِبَا إذَا وَتَرْت امْرَأً فَاحْذَرْ عَدَاوَتَهُ ... مَنْ يَزْرَعْ الشَّوْكَ لَا يَحْصُدْ بِهِ عِنَبًا

1 / 176