Adab du monde et de la religion

al-Mawardi d. 450 AH
144

Adab du monde et de la religion

أدب الدنيا والدين

Maison d'édition

دار مكتبة الحياة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1407 AH

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Soufisme
إنَّ النِّسَاءَ مَتَى يُنْهَيْنَ عَنْ خُلُقٍ ... فَإِنَّهُ وَاجِبٌ لَا بُدَّ مَفْعُولُ وَمَا وَعَدْنَك مِنْ شَرٍّ وَفَيْنَ بِهِ ... وَمَا وَعَدْنَك مِنْ خَيْرٍ فَمَمْطُولُ فَأَمَّا النَّوْعُ الْآخَرُ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَصْرُ شُرُوطِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ، وَيَنْتَقِلُ بِتَنَقُّلِ الْإِنْسَانِ وَالْأَزْمَانِ، فَإِنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ مُوَافَقَةِ النَّفْسِ وَمُتَابَعَةِ الشَّهْوَةِ؛ لِيَكُونَ أَدْوَمَ لِحَالِ الْأُلْفَةِ وَأَمَدَّ لِأَسْبَابِ الْوَصْلَةِ. فَإِنَّ الرَّأْيَ الْمَعْلُولَ لَا يَبْقَى عَلَى حَالِهِ، وَالْمَيْلَ الْمَدْخُولَ لَا يَدُومُ عَلَى دَخَلِهِ. فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى إحْدَى حَالَتَيْنِ: إمَّا إلَى الزِّيَادَةِ وَالْكَمَالِ، وَإِمَّا إلَى النُّقْصَانِ وَالزَّوَالِ. حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: إنِّي أُحِبُّك وَأُحِبُّ مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ ﵁: أَمَّا الْآنَ فَأَنْتَ أَعْوَرُ، فَإِمَّا أَنْ تَبْرَأَ وَإِمَّا أَنْ تَعْمَى. فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَلَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ السَّبَبِ الْبَاعِثِ عَلَى هَذَا النَّوْعِ، فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ لِطَلَبِ الْوَلَدِ. وَالْأَحْمَدُ فِيهِ الْتِمَاسُ الْحَدَاثَةِ وَالْبَكَارَةِ؛ لِأَنَّهَا أَخَصُّ بِالْوِلَادَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ.» وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَنْتَقُ أَرْحَامًا أَيْ أَكْثَرُ أَوْلَادًا. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ﵁: عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَكْثَرُ حُبًّا وَأَقَلُّ خَنًا. وَهَذَا الْحَالُ هِيَ أَوْلَى الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَوْضُوعٌ لَهَا، وَالشَّرْعُ وَارِدٌ بِهَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «سَوْدَاءُ وَلُودٌ خَيْرٌ مِنْ حَسْنَاءَ عَاقِرٍ» . وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَنْ لَا يَلِدُ لَا وُلِدَ. وَقَدْ كَانُوا يَخْتَارُونَ لِمِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ إنْكَاحَ الْبُعَدَاءِ الْأَجَانِبِ، وَيَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ أَنْجَبُ لِلْوَلَدِ وَأَبْهَى لِلْخِلْقَةِ، وَيَجْتَنِبُونَ إنْكَاحَ الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ، وَيَرَوْنَهُ مُضِرًّا بِخَلْقِ الْوَلَدِ بَعِيدًا مِنْ نَجَابَتِهِ. رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «اغْتَرِبُوا وَلَا تُضْوُوا» . وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: يَا بَنِي السَّائِبِ قَدْ ضُوِيتُمْ فَانْكِحُوا فِي الْغَرَائِبِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ: تَجَاوَزْتُ بِنْتَ الْعَمِّ وَهِيَ حَبِيبَةٌ ... مَخَافَةَ أَنْ يُضْوَى عَلَيَّ سَلِيلِي وَكَانَتْ حُكَمَاءُ الْمُتَقَدِّمِينَ يَرَوْنَ أَنَّ أَنْجَبَ الْأَوْلَادِ خَلْقًا وَخُلُقًا مَنْ كَانَتْ سِنُّ أُمِّهِ بَيْنَ الْعِشْرِينَ وَالثَّلَاثِينَ وَسِنُّ أَبِيهِ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ وَالْخَمْسِينَ

1 / 159