107

Adab du monde et de la religion

أدب الدنيا والدين

Maison d'édition

دار مكتبة الحياة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1407 AH

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Soufisme
فَكُلُّ شَيْءٍ سِوَى التَّقْوَى بِهِ سَمْجٌ ... وَمَا أَقَامَ عَلَيْهِ مِنْهُ أَسْمَجُهُ
تَرَى الَّذِي اتَّخَذَ الدُّنْيَا لَهُ وَطَنًا ... لَمْ يَدْرِ أَنَّ الْمَنَايَا سَوْفَ تُزْعِجُهُ
وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ فِي بَعْضِ خُطَبِهِ: «أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إلَى نِهَايَتِكُمْ، وَإِنَّ لَكُمْ مَعَالِمَ فَانْتَهُوا إلَى مَعَالِمِكُمْ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ: أَجَلٍ قَدْ مَضَى لَا يَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ فِيهِ، وَأَجَلٍ قَدْ بَقِيَ لَا يَدْرِي مَا اللَّهُ قَاضٍ فِيهِ. فَلْيَتَزَوَّدْ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَمِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ، وَمِنْ الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَإِنَّ الدُّنْيَا خُلِقَتْ لَكُمْ وَأَنْتُمْ خُلِقْتُمْ لِلْآخِرَةِ. فَوَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ مُسْتَعْتَبٍ وَلَا بَعْدَ الدُّنْيَا دَارٍ، إلَّا الْجَنَّةُ أَوْ النَّارُ» . وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ -: أَمْسُ أَجَلٌ، وَالْيَوْمُ عَمَلٌ، وَغَدًا أَمَلٌ. فَأَخَذَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ هَذَا الْمَعْنَى فَنَظَمَهُ شَعْرًا:
لَيْسَ فِيمَا مَضَى وَلَا فِي الَّذِي ... يَأْتِيك مِنْ لَذَّةٍ لِمُسْتَحْلِيهَا
إنَّمَا أَنْتَ طُولَ عُمُرِك مَا ... عَمَرْت فِي السَّاعَةِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا
عَلِّلْ النَّفْسَ بِالْكَفَافِ وَإِلَّا ... طَلَبَتْ مِنْك فَوْقَ مَا يَكْفِيهَا
وَقِيلَ لِزَاهِدٍ: مَا لَك تَمْشِي عَلَى الْعَصَا وَلَسْت بِكَبِيرٍ وَلَا مَرِيضٍ؟ فَقَالَ: إنِّي أَعْلَمُ أَنِّي مُسَافِرٌ وَأَنَّهَا دَارُ بُلْغَةٍ وَإِنَّ الْعَصَا مِنْ آلَةِ السَّفَرِ. فَأَخَذَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ:
حَمَلْت الْعَصَا لَا الضَّعْفُ أَوْجَبَ حَمْلَهَا ... عَلَيَّ وَلَا أَنِّي تَحَنَّيْت مِنْ كِبَرِ
وَلَكِنَّنِي أَلْزَمْت نَفْسِي حَمْلَهَا ... لِأُعْلِمَهَا أَنِّي مُقِيمٌ عَلَى سَفَرِ
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَصَوِّفَةِ: الدُّنْيَا سَاعَةٌ، فَاجْعَلْهَا طَاعَةً.
وَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ ﵁: رَتَعْنَا فِي الدُّنْيَا جَاهِلِينَ، وَعِشْنَا فِيهَا غَافِلِينَ، وَأُخْرِجْنَا مِنْهَا كَارِهِينَ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: الْمَرْءُ أَسِيرُ عُمُرٍ يَسِيرٍ. وَقِيلَ فِي بَعْضِ الْمَوَاعِظِ: عَجَبًا لِمَنْ يَخَافُ الْعِقَابَ كَيْفَ لَا يَكُفَّ عَنْ الْمَعَاصِي، وَعَجَبًا لِمَنْ يَرْجُو الثَّوَابَ كَيْفَ لَا يَعْمَلُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْمُسِيءُ

1 / 121