229

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Numéro d'édition

السادسة

Année de publication

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Genres

ومن هنا يتبيّن أن قول بعض المتأخرين، كالشيخ محمد أبي زهرة (١) ﵀، بأن إعفاء النبي ﷺ لحيته، وتقصير شاربيه، كان أمرًا عاديًّا وليس شرعيًا، هو قولٌ يخرج عما يقتضيه العمل بالأدلة، وذلك لورود القول الآمر، ولأنه ﷺ علّقه بأمر شرعي هو مخالفة أعداء الدين. أعني قوله ﷺ: "خالفوا المشركين، وفّروا اللحى وأحفوا الشوارب" (٢). وفي رواية: "خالفوا المجوس".

(١) قال الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (أصول الفقه ص ١٠٩): "كثيرون على أنه -يعني إعفاء اللحية- من السنة المتبعة، وزكوا ذلك بأن النبي ﷺ قال: "قصوا الشارب، وأعفوا اللحى". فقالوا: إن هذا دليل على أن إبقاء اللحية لم يكن عادة، بل كان من قبيل الحكم الشرعي. والذين قالوا إنه من قبيل العادة قرروا أن النهي الذي [كذا بالأصل] لا يفيد اللزوم بالإجماع، وهو معلل بمنع التشبه باليهود والأعاجم، الذين كانوا يطيلون شواربهم ويحلقون لحاهم. وهذا يزكي أنه من قبيل العادة، وذلك ما نختاره". اهـ.
ونحن نقول إن تعليله ﷺ بمخالفة اليهود والأعاجم هو الذي يدل على كونه شرعيًا، لأن مخالفتهم مقصد شرعي معتبر، كما في القبلة. وانظر: (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) لابن تيمية ففيه البيان الشافي.
(٢) متفق عليه (جامع الأصول ٥/ ٤٢٨)

1 / 238