حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول
حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول
Maison d'édition
مكتبة الرشد
Genres
وأعظم ما نهى عنه الشرك،
ــ
وكافرهم، برهم وفاجرهم، من مرض أو فقر أو فقد محبوب ونحو ذلك، والدليل على أن العبادة تكون كونية قول الله تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ ١، فهذه هي العبودية المقصودة في هذا الباب -التي هي معنى التوحيد-: هي العبادة الشرعية التي لا ينقاد لها إلا المؤمن البر.
قوله: "وأعظم ما نهى عنه الشرك" الشرك في الأصل بمعنى: النصيب، فإذا أشرك مع الله غيره، أي: جعل لغيره نصيبًا. وإنما كان الشرك أعظم ما نهى الله عنه؛ لأن أعظم الحقوق حق الله تعالى، وحق الله تعالى إفراده بالعبادة، فإذا أشرك مع الله غيره ضيع أعظم الحقوق. وقد ورد عن ابن مسعود ﵁ قال: "سألت –أو سئل- رسول الله ﷺ أي الذنب عند الله أعظم؟ -وفي لفظ: أكبر- قال: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك ... " ٢. وقال النبي ﷺ لمعاذ ﵁: "أتدري ما حق الله على عباده؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال ﷺ: "حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا ... " ٣، فدل هذا على أن الله ﷾ له حق العباد، فمن ضيع هذا الحق فقد وقع في تضييع أظم الحقوق.
_________
١ سورة مريم، الآية: ٩٣.
٢ أخرجه البخاري: "٨/٤٩٢-فتح"، ومسلم: "رقم٨٦".
٣ أخرجه البخاري: "رقم٥٩٨٦"، ومسلم: "رقم٤٨/٣٠".
1 / 47