Les Nombres et la Construction de l'Homme : Le Compte et le Chemin des Civilisations Humaines

Zahra Sami d. 1450 AH
107

Les Nombres et la Construction de l'Homme : Le Compte et le Chemin des Civilisations Humaines

الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية

Genres

2 = 9. ونظرا لأن الموندروركو ثقافة لا عددية بشكل كبير؛ فإن طريقتهم في تحديد موضع النقاط قد أوحت للبعض بأن جميع البشر، بصرف النظر عن ثقافتهم ولغتهم، يستخدمون المكان لفهم الكميات. فمن الواضح أن الأشخاص البالغين الذين ينتمون إلى ثقافات لا عددية، يستخدمون خط «أعداد» ذهنيا، لكن هذا الخط الذهني مؤسس على الطريقة اللوغاريتمية.

17

لكن يبدو لنا الآن أن الأمر قد لا يكون كذلك في جميع الجماعات السكانية التي لم تتلق التعليم المدرسي؛ إذ تشير نتائج حديثة جمعت من إحدى الجماعات الأصلية في الجانب الآخر من العالم إلى أن خط الأعداد البشري قد لا يكون عالميا على أي حال؛ فقد قام فريق من علماء الإدراك بقيادة رفاييل نونييث من جامعة كاليفورنيا في سان دييجو بإعادة تجارب خطوط الأعداد الذهنية على جماعة اليوبنو التي تعيش في سلسلة جبلية بعيدة في بابوا نيو غينيا. وبالرغم من أن أفراد اليوبنو يستخدمون مفردات الأعداد، فإنهم لا يقيسون المكان ولا الزمان بطرق دقيقة. وقد ثبت أنهم لا يربطون ذهنيا بين الكميات والمكان، بطريقة يمكن التنبؤ بها. وعلى العكس من معظم أفراد الموندوروكو، لم يظهروا أي استعداد لوضع الكميات على خط أعداد ذهني، سواء أكان لوغارتميا أم لا. وبدلا من ذلك، حين طلب منهم وضع كميات محددة من النقاط وغيرها من المحفزات على خط ما، كانوا يختارون النقاط الطرفية من الخط على الدوام. ويشير هذا العجز عن تقسيم الخط، وفقا للكميات، إلى أن التفكير في الكميات من الناحية المكانية لا يحدث لدى جميع البشر، وإنما يدرك بعض الأشخاص الكميات بطرق مختلفة، تستند - ولو جزئيا على الأقل - إلى الأدوات المفاهيمية التي اكتسبوها من ثقافتهم الأصلية.

18

من الواضح إذن أنه لا يزال علينا أن نتعلم القدر الكبير بشأن الكيفية التي تشكل بها اللغة العددية وغيرها من أجزاء الثقافة العددية إدراك البشر للكميات؛ فلا يزال من غير المؤكد لدينا، على سبيل المثال، مدى اختلاف الثقافات في نزعتها إلى استخدام خطوط الأعداد الذهنية. بالرغم من ذلك، فثمة أمر واحد اتضح لنا من مناقشتنا في هذا الفصل، وهو أن أعضاء الثقافات الأصلية المختلفة، الذين يعيشون في الأدغال البعيدة ويتحدثون لغات لا يرتبط بعضها ببعض، يسهمون في إعادة تشكيل فهمنا عن التفكير الرياضي؛ فقد أوضحت الدراسات التي أجريت على هذه الجماعات السكانية أن الأعداد والعد أمران أساسيان في مهارات الإدراك الكمي، حتى ما يبدو متواضعا منها. وقد أوضحت الدراسات أنه بالرغم من أن جميع البشر يولدون بقدرات رياضية مؤكدة وأساسية للغاية، فوحدهم الأفراد الذين ينتمون إلى ثقافات عددية هم الذين يستطيعون ارتقاء السلم الحسابي.

بلا أصوات ولا أعداد

ليست جماعة الموندوروكو وجماعة البيراها هما الجماعتين الوحيدتين اللتين تستخدمان أساليب التواصل اللاعددي بصورة مطلقة، أو تستخدمانها بصفة أساسية؛ فثمة جماعة أخرى من البشر تفتقر إلى وجود اللغة العددية، وهي أيضا تلقي بعض الضوء على مدى تأثير الأعداد في التفكير الرياضي الأساسي. وهؤلاء الأفراد الذين نتحدث عنهم هم مجموعة من الصم الذين يعيشون في نيكاراجاوا، ولمجموعة من الأسباب، لم تسنح لهم الفرصة من قبل في تعلم لغة الإشارة. بالرغم من ذلك فهم، كغيرهم من الصم الذين لا يعرفون لغة الإشارة في أجزاء أخرى من العالم، يستخدمون إشارات الأيدي المبتكرة للتحدث مع من حولهم؛ لا سيما أفراد الأسرة الذين يشاركون في تعلم هذه الإشارات المبتكرة واختراعها. إن هؤلاء الصم هم شاهد حي على قوة احتياج البشر إلى التواصل؛ ففي الحالات التي يفتقر فيها الأطفال إلى حاسة السمع، والتعرض للغة مكتملة التكوين؛ لا تزال تظهر لدينا وسيلة واضحة من وسائل التواصل؛ غير أن هذه الوسيلة للتواصل، على الأقل في حالة صم نيكاراجاوا، تفتقر إلى مفردات الأعداد.

في دراسة مذهلة، أجرى علماء النفس مجموعة من التجارب المتعلقة بقدرات الإدراك العددي لدى أربعة من الصم البالغين الذين لا يعرفون لغة الإشارة في نيكاراجاوا. لا يمتلك هؤلاء البالغون أي معرفة بالأعداد، لكنهم على العكس من الموندوروكو والبيراها ينتمون إلى ثقافة عددية؛ فهم يدركون أهمية الاختلافات بين الكميات. فعلى سبيل المثال يمكن لهؤلاء الصم أن يدركوا القيمة التقريبية للأوراق النقدية، ويستطيعون التمييز بين الأوراق ذات الفئة الصغيرة والأوراق ذات الفئة الكبيرة. وبالرغم من هذا الوعي، وبالرغم من وعيهم بوجود كميات محددة أكبر من ثلاثة؛ فهم لا يمتلكون وسيلتهم الخاصة للإشارة إلى مثل هذه الكميات بطرق محددة. إنهم لا يمتلكون الأعداد.

وقد اختبر الباحثون مدى تأثير عدم وجود الأعداد على هذه الجماعة النيكاراجاوية، التي تشبه البيراها والموندوروكو في أنه لا يظهر لديها أي عيوب إدراكية خلقية. وتلقي الدراسة مزيدا من الضوء على القدرات الرياضية لدى الأصحاء البالغين الذين لا يعرفون الأعداد، لكنها تختبر ذلك على مجموعة من الأفراد الذين أدركوا على مدار حياتهم وجود الأعداد. إن هذه الأعداد ببساطة لم تتغلغل في حيواتهم الإدراكية من خلال اكتساب مفردات الأعداد وطرق العد؛ فبالرغم من أن هؤلاء الصم يستخدمون الإيماءات للتواصل بشأن الكميات، فهم يفعلون ذلك بطريقة غير محددة حين يتعلق الأمر بالكميات الكبيرة.

بعد إجراء مجموعة من التجارب، ومنها أحد مهام المطابقة الأساسية، والمتمثلة في مطابقة خط بخط، التي كانت قد أجريت لمرات عديدة بين أفراد البيراها؛ توصل الباحثون إلى نتيجة شبيهة للغاية، وهي أن الصم الذين لا يعرفون لغة الإشارة «لا يستطيعون مطابقة عدد العناصر في مجموعة ثانية بعدد العناصر في المجموعة الهدف، إذا كانت المجموعتان تضمان أكثر من ثلاثة عناصر.»

Page inconnue