وتفرح أن هو استعملها وتحزن إن لم يستعمل هواك في شؤونه قال إذا استعمل هواي لست أحزن لكني أفرح لأنه قد أعطاني نهمتي لأن نهمتي الفرح إنما أحزن لأنه قد جبل علي لكني أريد استعماله فإذا استعمله أعطاني منيتي وفرحي لأن الشهوة منيتي ومختاري وحياتي فهو نفسي فإذا استعمل منيتي أحياني وفرحني لأن استعماله على جهته فإذ لم يستعمله فهو كنه كالمسجون فإذا كان هو في كنه مسجونًا مقيدًا وهو حياتي كنت كأني مسجون المقيد فصرت هزيمًا لأنه أبدلني بمكان شيء شياه أي بمكان حياتي الموت فلا بدا لي من أن أحتال بكل حيلة وأريده بكل خدعة وأهيئ وأزين الآلة والأدوات وأخرج الملاهي وأدواتها وأحريها وأحركها وأحولها لعله يرى ذلك فيطرب ويذكر وينشط ويغتر ويقبح ويستعمل الهوى الذي فيه هو حياتي وشهوتي فأحيا وأبهج حين يجد هو السبيل إلى التحرك والخلاص من السجن وهذا ما لم أذكره لأحد قط منذ خلقت ولولا ما أرى لك من الفضل والكرامة ما أخبرتك بهذا كله قال هذا الذي وصف إبليس هنا يصدق بجميع ما قلنا من شأن الهوى بالنفس قال يحيى صلوات الله عليه والمسألة الخاصة التي سألتك، قال: نعم سل، قال: هل أصبت مني فرصتك قط في لحظة من بصر أو لفظة بلسان أو بقلب أو هم، قال اللهم لا إلا أنه كان يعجبني منك خصلة لكبر ذلك عنك فوقع عندي موقعًا شريفًا فتغير لون يحيى ﵇ من قوله وتلبد وتقاصرت إليه نفسه وارتعد وارتعدت فرائصه وغشي عليه، قال: ما ذلك يا أبا مرة، قال: أنت رجل أكول وكنت أحيانًا تكثر الطعام فتشبع منه ويعتريك الوهن والنوم والثقل والكسل والنعاس فكنت تنام عن حزبك أحيانًا من الأوقات التي كنت تقوم فيها بالليل فكان هذا يعجبني منك، وقال بهذا كنت تجد علي فرصة قال نعم، قال: أما أشد لفرحك وما أشد لحزنك، قال: ذكرتك فلم تحفظ ولكن أحمل إليك جميع ما يكره الله فهو مختاري وجميع ما يحب الله منبوذي فإذا رفع الإنسان منبوذي لم أتمالك حتى احتال بكل حيلة وحتى أنبذه فأزين له مختالي حتى يرفعه لأن حياتي في الستعماله ومختاري ومماتي وهلاكي وذلي وضعفي في استعماله مرفوضي وممبوذي وهو الحلال الطيب من الأشياء والأحزان ومختاري الحرام والخبيث من الأشياء والأفراح بما قد حضر الله عليه، قال إبليس حسبك يا يحيى فرحًا بما أظهر ليحيى كأنه قد وجد عليه فرصة، فقال يحيى ﵇ لم تجد علي فرصة في عمري إلا الذي ذكرت لي، قال اللهم لا إلاّ ذاكرًا، قال يحيى ﵇ عاهدت الله نذرًا واجبًا علي أن أخرج من الدنيا ولا أشبع من الطعام قال فغضب إبليس وحزن على ما أخبره فاحترز يحيى صلوات الله عليه واعتصم وقال خدعتني يا ابن آدم، وأنا أعاهد الله ربي نذرًا واجبًا علي إلاَّ أنصح آدميًا أبدًا ولقد غلبتني يا ابن آدم وكسرت ظهري بما خدعتني حتى سلبت آلتي فخرج من عنده غضبان متذمرًا، فهذه صفة إبليس وبدو أمره وقصته ومصائده وتفسير هواه وحياته. تفرح أن هو استعملها وتحزن إن لم يستعمل هواك في شؤونه قال إذا استعمل هواي لست أحزن لكني أفرح لأنه قد أعطاني نهمتي لأن نهمتي الفرح إنما أحزن لأنه قد جبل علي لكني أريد استعماله فإذا استعمله أعطاني منيتي وفرحي لأن الشهوة منيتي ومختاري وحياتي فهو نفسي فإذا استعمل منيتي أحياني وفرحني لأن استعماله على جهته فإذ لم يستعمله فهو كنه كالمسجون فإذا كان هو في كنه مسجونًا مقيدًا وهو حياتي كنت كأني مسجون المقيد فصرت هزيمًا لأنه أبدلني بمكان شيء شياه أي بمكان حياتي الموت فلا بدا لي من أن أحتال بكل حيلة وأريده بكل خدعة وأهيئ وأزين الآلة والأدوات وأخرج الملاهي وأدواتها وأحريها وأحركها وأحولها لعله يرى ذلك فيطرب ويذكر وينشط ويغتر ويقبح ويستعمل الهوى الذي فيه هو حياتي وشهوتي فأحيا وأبهج حين يجد هو السبيل إلى التحرك والخلاص من السجن وهذا ما لم أذكره لأحد قط منذ خلقت ولولا ما أرى لك من الفضل والكرامة ما أخبرتك بهذا كله قال هذا الذي وصف إبليس هنا يصدق بجميع ما قلنا من شأن الهوى بالنفس قال يحيى صلوات الله عليه والمسألة الخاصة التي سألتك، قال: نعم سل، قال: هل أصبت مني فرصتك قط في لحظة من بصر أو لفظة بلسان أو بقلب أو هم، قال اللهم لا إلا أنه كان يعجبني منك خصلة لكبر ذلك عنك فوقع عندي موقعًا شريفًا فتغير لون يحيى ﵇ من قوله وتلبد وتقاصرت
1 / 34