فأما العلم والحلم فهما وزيرا العقل، واليقين قائد الجيش، والحق صاحب المظالم، والنصر الفتح، والفطنة الطليعة، والفهم صاحب النيات، والوقار والسكينة قائدان، والحياء صاحب السر، والصبر صاحب الاستدراج، والهدى والرشد الدليلان، والحفظ والصيانة صاحب الكنوز، والعفاف والرزانة والتقى والورع أصحاب الخزائن، والفكرة والتذكر صاحب المكر، والعفو والبرّ صاحب الصلح، والرحمة والرقة والمراقبة واللطف والعطف واللين والمداراة فإنهم أعوان القاضي، والجود والمجد والعطاء والكرم صاحب الأرزاق، والحمد والذكر والثناء والشكر أصحاب المدد، والهيبة والسلطان والكبر والعظمة والفخر والعز الأبطال المحاربون، والتواضع والخشوع والخضوع الرجالة، والصدق القاضي، والصحة والإخلاص والنية والعزم والحزم أصحاب المبارزة، والوفاء الأمين، والعدل السجان، والسلامة والسداد أصحاب الأعلام، والإحسان صاحب الرايات، والشوق صاحب اللواء، والحكمة الحاكم، والعبادة الخدم، والقناعة والرضا قيم الأمور، والحذر المدبر، والتدبير والرأي صاحب المشورة، والتوكل صاحب الحصن، والظفر صاحب النصر الرماة، والنصح والصفح الرسل، والرغبة والرهبة والرجاء والخوف الشاكر به، والمداراة والصمت أصحاب الرّصد، والحب البندار، والأمر والنهي العهد والميثاق، والصلابة الجلاد، والخلق والسمت وكيلان، والحدة صاحب الشرطة، والذهن أمير الجيش، والإلهام رسول الملك الأعلى، والمراقبة صاحب الأخبار، والفناء الطبال، والفرح والسرور والانبساط واللعب والعبرة الجاسوس، والفطنة المبادئ، والذكاوة والكياسة أصحاب الفاشيات والجنايب، والورع والزهد المحتسبان، والتوبة المقدمة، والندامة السباقة، فهذه صفة الجنود وأمورهم وإمارتهم وعالمهم وأفراسهم ورجالاتهم.
باب صفة إبليس وصفة الهوى
وصفة جنوده
فأما صفة اللعين وصفة جنوده فإن له اثنا عشر وزيرًا تحت يدي كل واحد منهم مائة ألف قائد ثم تحت يد كل منهم مائة ألف، حتى على رجل واحد من بني آدم، يبعث أكثر من ربيعة ومضرّ وكل قائد منهم على أمر وله أخلاق السوء مائة، وكما أن ملك المعرفة العقل، كذلك الهوي ملكه، فأما أسماء وزرائه الاثني عشر؛ فأولهم كرام بن الكريم، وهو صاحب مكارم الأخلاق في الجن والنهي عن مساوئها، والأمر بالعقل والأخذ به، والثاني هامة بن إبليس وهو صاحب كبائر الذنوب، والثالث شيعبان بن شوقيان وهو صاحب الأسواق يأمر بالتطفيف، والرابع الزوبع بن دامغ وهو صاحب السعايات والنميمة، والخامس أم زوبر وهي صاحبة الحروب التي تهيج بين الناس وتأمرهم بالقتال، والسادس شيطط بن لويط وهو الذي يأمر بالقرطب والقيادة والفجور، والسابع سوقب بن ذوهب وهو صاحب الرياء والطامات والخيانات، والثامن عذر بن خدع وهو صاحب المكر والخديعة والنكت وقلة الوفاء، والتاسع زولة بن جراض وهو صاحب الوسوسة والجنون وحديث النفس، والعاشر قسيط بن طيط وهو صاحب التخليط بين الناس وترك النصيحة والاستقامة، والحادي عشر قانط بن قوطل وهو الذي يأمر بكل شر بالبذاء والشتم والمناقرة، والثاني عشر عزاف بن حسود وهو صاحب الملاهي والمجالس التي يشرب فيها الخمور ويعتكف فيها بالفجور وله عمله وصناع سوى ذلك ممن اتخذوا المعازف والملاهي يفتنون بها الخلق ويلهونهم بها وكان بدو جميع الملاهي منهم. أسماء أصحاب الصنائع والعملة وأصحاب المعازف والملاهي؛ وهم أكرم الخلق على اللعين، أحدهم: أبو سملقة وهو أول من اعتصر العنب فخمره وشربه وتغنى، والهفاف، وهو أول من عزف، وذلك أنه أخذ حفنة فحلب ماء الكَرْم وشرب منه ثم وضعها تحت الكَرْم وغطى رأسها بورقة ثم عاد إليها بعد أيام فإذا لها هزير ورغوة سقاه أخاه شربات منه فسكر فعزف فسمي أخوه عزافًا وسمي هفافًا وكان اسمه قبل ذلك مشقصًا. ومرة بن الحرث أول من اتخذ البربط وذلك أنه أتى هفافًا يومًا فسقاه الهفاف من شرابه فطار فوقع في جزيرة من جزائر البحر فبقي فيها سنة يتفكر في أن يأتي بشيء يذكر به كما ذكر الهفاف بالعصير فإذا هو يومًا بطائر له صوت شجي حسن فسمع صوته فأعجبه تلونه فنحت عودًا وشد عليه خيوطًا من لحاء الشجر حتى صيره على صنعة العود فاتخذ عودًا ثم اتخذ من بعد ذلك أوتارًا من تغير اللحاء من أذناب خيل البرية.
1 / 29