[chapter 1]
المقالة الثالثة من كتاب
طبيعة الانسان فى تدبير الأصحاء (وهى المقالة التى يذكر كثير من المفسرين أن فولوبس تلميذ أبقراط وضعها)
Page 27
قال: على هذا ينبغى أن يكون تدبير العوام من الناس ينبغى أن تستعمل فى الشتاء من الأطعمة أكثر مما تستعمل فى سائر أوقات السنة وأما الشراب فيكون ما تشرب منه قليلا جدا وينبغى أن يكون الشراب أقل مزاجا وأقوى مما تستعمل فى سائر الأوقات وينبغى أن تختار من الأطعمة الخبز وأما الادام التى يتأدم بها فتكون جميعها مشوية وتستعمل من البقول فى هذا الوقت من أوقات السنة أيبس ما يكون فانك اذا فعلت ذلك صار مزاج البدن حارا ياسا فى غاية ما يمكن واذا جاء الربيع فينبغى أن يزاد فى الشراب ويكسر بالماء وتنقص من الطعام قليلا قليلا وتختار منه ما هو أقل غذاء وأرطب وتستعمل مكان الاستكثار من الخبز الاستكثار من السويق وتنتقل من استعمال اللحوم المشوية الى استعمال المطبوخة والمسلوقة ويزاد فى هذا الوقت فى استعمال البقول قليلا حتى ينتهى بك الأمر الى أن يدخل الصيف فتستعمل حينئذ الأطعمة الرطبة والادام المسلوقة وتستعمل البقول طرية ومسلوقة وأما الشراب فينبغى أن تستكثر من استعماله فى هذا الوقت ويكون ما يمزج به من الماء أكثر منه فى سائر الأوقات واحذر أن ينتقل المستعمل لهذا التدبير الى الضد بغتة
[chapter 2]
Page 28
وأما الأبدان الكثيرة اللحم الرطبة التى لونها اللون الأحمر فالأولى أن تدبر فى أكثر أوقات السنة بالتدبير الذى هو أجف وذلك أن طبائع هذه الأبدان رطبة وأما الأبدان التى اللحم والشحم فيها قليلان وهى أصلب وأميل الى السواد أو الى الشقرة فينبغى أن تدبر بالتدبير الذى هو أرطب فى أكثر أوقات السنة وذلك أن مزاج هذه الأبدان مزاج يابس وأما الفتيان فينبغى أن يستعملوا التدبير اللين الرطب وذلك أن مزاج أصحاب هذا السن مزاج يابس وأبدانهم جامدة وكذلك أيضا المشائع فينبغى أن يستعلموا فى أكثر أوقات السنة التدبير الذى هو أجف فإن الأبدان فى هذا السن رطبة لينة باردة فينبغى أن تقدر الغذاء بحسب الأسنان وأوقات السنة وأصناف مزاج البدن بعد أن تجعل غرضك فى جميع ذلك مقابلة الحار والبارد فانك اذا فعلت ذلك حفظت الصحة على الأبدان
[chapter 3]
وأما المشى والسير فينبغى أن يستعمل فى الشتاء مع فضل سرعة وفى الصيف مع رفق الا أن يكون السير فى الشمس وينبغى للسمين أن يستعمل المشى والسير كثيرا مع فضل سرعة وأما المهزول فينبغى أن يستعمل ذلك برفق وأما اللباس فينبغى أن يكون فى الشتاء ثيابا جددا نقية وفى الصيف ثيابا قد انقعت فى الدهن
[chapter 4]
Page 29
وأما الأبدان السمينة التى تريد تهزيلها فمر أصحابها أن يكون تعبهم على الريق قبل الطعام ثم يتناولون الطعام بعد ذلك وهم يلهثون قبل تبرد أبدانهم ويشربون قبل طعامهم شرابا ممزوجا ليس بالشديد البرد ويكون الادام الذى يتخذ لهم بالسمسم وبسائر ما أشبهه ويكون أيضا الأشياء التى تطيب طعامهم أشياء دسمة فانها اذا فعلوا ذلك اشبعهم المقدار اليسير ويجعل تناول الطعام فى اليوم مرة واحدة ويتجنب الدخول الى الحمام ويتحرى أن يكون فراشه صلبا جاسيا ويسكون مشيه للرياضة وأكثر بدنه مكشوف ما أمكن ذلك وأما المهزول المحتاج الى أن يسمن فينبغى أن يستعمل ضد جميع ما وصفناه مما يستعمله السمين المحتاج الى أن يهزل ولا يصوم البتة ولا يتعب
[chapter 5]
Page 30
وينبغى للأصحاء أن يتعاهدوا القىء وغسل البدن منهم على هذا الطريق أما فى الستة الأشهر الشتوية فينبغى أن يستعمل القىء وذلك أن البلغم فى هذا الوقت فى البدن أكثر منه فى الصيف والأمراض العارضة فيه تعرض فى نواحى الرأس والمواضع التى فوق الحجالب فاذا دخل الحر استعملت الغسل وذلك أن الهواء فى هذا الوقت يتوقد والغالب على البدن فيه المرار ويحدث للانسان فيه ثقل فى البطن والركبتين والتهاب ويعرض فيه المخص فيجب من ذلك أن تبرد البدن وتحط ما يرتفع ويطفو فيه الى أسفل من المواضع التى تليق بذلك ولتكن الحقن التى تسعمل فى الأبدان التى السمن عليها أغلب ما كان منها أرطب وارق والملوحة غالبة عليه وأما الأبدان التى هى أجف وأقضف وأضعف فينبغى أن تكون الحقن التى تستعمل فيها ما كان الدسم واللين عليها أغلب وقوامها أغلظ ومن لم يكن بدنه مهزولا لكنه عبل فينبغى أن يتقيأ على الريق قبل الطعام بعد أن يحضر قبل استعماله أو يتحرك بغير ذلك حركة سريعة ويكون ذلك قبل وقت الزوال خذ من الزوفاء أربع أواق ونصف واسحقه وصب عليه من الماء كوزا واسقه اياه بعد أن تخلط به من الخل والملح ما يطيب به وينبغى أن يكون شربهم من هذا الشراب أولا برفق ثم يسرعون فى شربه ومن كان بدنه مهزولا ضعيفا فينبغى أن يستعمل القىء بعد الطعام على هذه الصفة يستحم أولا بماء حار ثم يشرب بعد خروجه من الحمام شرابا قليل المزاح مقدار تسع أواق ثم يأكل من بعد ذلك أطعمة مختلفة من كل ضرب ولا يشرب على الطعام ولا بعد فراغه منه لكن يلبث من غير أن يشرب شيئا مقدار عشر غلوات واذا فعل ذلك فاسقه ثلاثه أصناف من الشراب مختلفة الطعم ويكون أحدها قابضا والآخر حلوا والثالث حامضا وينبغى أن يشرب الشراب أولا قليل المزاج قليلا قليلا بتمهل ثم يرق الشراب ويوفر الشربات ويوالى
من كان عادته أن يتقيأ فى الشهر مرتين فالأجود له أن يتقيأ فى يومين متواليين من أن يتقيأ فيما بين كل خمسة عشر يوما ومن الناس من فعل ضد ذلك ومن احتاج الى القىء وعسر عليه انطلاق بطنه فينبغى أن يأكل فى اليوم مرارا ويجعل أطعمته أطعمة مختلفة الأصناف ويهيأ له من كل صنف ألوان مختلفة ويستعمل أشربه مختلفة اما شرابين واما ثلاثة ومن لم يحتج الى القىء أو كان بطنه لينا فينبغى أن يفعل خلاف ذلك
[chapter 6]
Page 32
وأما الصبيان فينغى أن يجلسوا فى ماء مسخن كثيرا مدة طويلة وأن يسقوا شرابا ممزوجا رقيقا جدا ولا يكون باردا جدا وينبغى أن يكون الشراب الذى يسقى لا يطفو فى فم المعدة ولا ينتفع فانك اذا فعلت ذلك بهم كان ما يعرض لهم من الامتداد أقل وكان نشوءهم أجود وكانت ألوانهم أحسن وأما النساء فينبغى أن تدبر أبدانهم بالأشياء التى هى أجف ولذلك أن الأطعمة المجففة أوفق لهن بسبب لين اللحم منهن والشراب القليل المزاج أجود للرحم ولتربية الأولاد
[chapter 7]
Page 33
وأما الذين يستعملون الرياضة فالأوفق فى الشتاء الاحضار والصراع وأما الصيف فلن يوافق هذه الأبدان فيه الاحضار وأما الصراع فينبغى أن يستعمل قليلا فأوفق الرياضة فيه 〈المشى〉 الكثير فى وقت من النهار بارد ومن أعيا من الاحضار فينبغى أن يصارع ومن أعيا من الصراع فينبغى أن يحضر فأن بدن المعيى اذا تحرك على هذا الطريق سخن وكان أحرى بأن يسكن ما به من الاعياء ومن أصابه من الناس اذا دعته الضرورة الى التعب ذرب وخرج طعامه غير منطحن ولا منهضم فأصلح التدبير له أن يترك من تعبه مقدار ثلثه على الأقل ومن طعامه مقدار نصفه فانه من البين أن المعده منه لا يمكنها أن تسخن أطعمة كثيرة حتى تستمرئها ولتكن الأطعمة التى يتناولها خبزا نضيجا مفتوفا فى شراب ويشربه قليلا ممزوجا مزاجا معتدلا ويتجنب المشى بعد الطعام ويجعل طعامه مرة واحدة فى اليوم ما دام الذرب فان المعدة انما يمكنها أن تسخن وتهضم ما يردها على هذه الصفة خاصة وانما يعرض هذا الصنف من الذرب للأبدان التى اللحم منها مستحصف وخاصة اذا اضطروا أن يتناولوا من الأغذية اللحوم التى طبيعتها هذه الطبيعة وذلك أن العروق اذا تكاثفت لم تقبل الغذاء الداخل فيها والأبدان التى حالها حادة تميل الى الجهتين جميعا وخصمها لا يدوم الا زمانا يسيرا وأما الأبدان المتخلخلة الكثيرة الشعر فاحتمالها لما تضطر اليه من تناول الأطعمة والتعب أكثر ومدة بقاء خصبها أطول واذا عرض لأحد أن يتجشأ طعم طعامه من غد اليوم الذى أكله فيه وعرضت له نفخة فيما دون الشراسيف فانما يكون ذلك اذا لم ينهضم طعامه فالأصلح له أن ينام مدة طويلة واذا كان من غد ذلك اليوم أتعب بدنه وجعل شرابه أكثر مما كان وأقرب الى الضروفة واستعمل من الأطعمة أقل مما كان يستعمله قبل ذلك فانه من البين أن المعده منه بسبب ضعفها ويردها لا يمكنها أن تهضم أطعمة كثيرة وأما من أصابه عطش شديد فالأصلح له أن يقلل من طعامه ومن تعبه ويشرب شرابه وهو شديد البرد جدا أكثر المزاج وأما من عرض له وجع فى أحشائه من رياضة أو مشى فالأصلح له أن يسكن ويستقر من غير أن يتناول شيئا من الأطعمة وأما الشراب فيشرب منه ما اذا ورد المقدار اليسير منه الى البدن أدر البول ادرارا كثيرا كيما لا تتمدد العروق التى فى الاحشاء منه اذا امتلات وذلك أن الأورام والحميات إنما تعرض عن هذا PageV01P03 5
[chapter 8]
ومن أصابه مرض بسبب دماغه عرض له أولا خدر فى رأسه وأصابه تقطير البول وسائر ما يعرض لمن به التقطير وجميع ذلك يثبت به الى اليوم التاسع فان جرى من أنفه وأذنه فى هذا اليوم ماء ورطوبة لزجة تخلص من مرضه وسكن ما به من تقطير البول وبال بولا كثيرا أبيض من غير أذى الى أن يجوز اليوم العشرين وذهب الوجع الذى يجده فى رأسه الا أنه يبقى اذا أحد البصر احتبس الضوء
Page 36
تمت المقالة الثالثة من كتاب طبيعة الانسان وهى المنسوبة الى فولوبس فى حفظ الصحة
Page inconnue