Abou des Martyrs Hussein Ibn Ali
أبو الشهداء الحسين بن علي
Genres
وكان ذلك كما قلنا أول تجربة من قبيلها بعد عهد الفداء في سبيل العقيدة والإيمان، بعد العهد الذي كان الرجل فيه يخرج من ماله، وينفصل من ذويه، ويتجرد لحرب أبيه أخيه وبنيه إن خالفوه في أمر الإسلام، بعد العهد الذي كان القليل فيه من المسلمين يصدون الكثير من المشركين وفي أيديهم السلاح والعتاد ومن ورائهم المعاقل والأزواد، بعد العهد الذي تغير فيه الناس، وخيل إلى من كان يعهدهم على غير تلك الحال أنهم متغيرون.
الناس عبيد الدنيا
فكيف ينخذل الحسين وينتصر يزيد في عالم شهد النبوة وشهد الخلافة على سنة الراشدين؟ إن كلمة واحدة قالها الحسين في ساعة يأسه تشف عن مبلغ يقينه بوجوب الحق ، وعجبه من أن يكون الأمر غير ما وجب، وذلك حيث قال: «الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت به معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون.»
إن الطبائع الأرضية لا تنخدع في صلاح الناس، ولا تعجب هذا العجب؛ لأنها لا تخرج من نطاقها المحدود، ولا تصدق ما وراءه من الآمال والوعود.
إنها لا تضل عن طريق المنفعة؛ لأنها لا تعرف غيرها من طريق، إنها تؤثر القنديل الخافت في يدها على الكوكب اللامع في السماء، لا لأنها لا ترى الكوكب اللامع في السماء؛ بل لأنها ترى القنديل والكوكب فتعلم أن هذا قريب وأن ذاك جد بعيد.
إنها لا تنخدع بالسراب؛ لأنها لا تخرج من عقر دارها، ولا تشعر بظمأ الفؤاد، ولا تنظر إلى السراب.
ولكن طبيعة الشهداء غير طبيعة المساومة على البيع والشراء.
طبيعة المساومة موكلة بالحرص على الهنات.
وطبيعة الشهادة موكلة ببذل الحياة لما هو أدوم من الحياة.
وشتان طبيعة وطبيعة، وشتان خطأ الشهداء وخطأ المساومين.
Page inconnue