Abou des Martyrs Hussein Ibn Ali
أبو الشهداء الحسين بن علي
Genres
نزل رسوله الأول مسلم بن عقيل بالكوفة صفر اليدين من المال حتى احتاج فيها أن يقترض سبعمائة درهم هي التي أوصى بردها إلى أصحابها قبل قتله.
وتلك عقبة من العقبات التي تعوق الدعوات الكبار، ولكنها على هذا لم تكن بالعقبة العصية التذليل.
فلو أنه قد طلب المال من وسائله الدنيوية أو السياسة، لما استعصى عليه أن يأخذ منه ما يكفيه. فلعله كان ميسورا له بعد أن تجمع حوله الأنصار، وبايع الحسين على يديه ثلاثون ألفا كما جاء في بعض الروايات. ففي تلك اللحظة لعله كان يستطيع أن يحيط بقصر الوالي الأموي، ويستولي عليه، وينشئ الحكومة الحسينية فيه. ثم لعله كان يستطيع بعد ذلك أن يوجه الدعاة إلى أطراف الدولة الشرقية ليلتقى البيعة، ويقيم الولاة، ويحشد الأجناد.
فإذا كان هذا فاته حتى خف الأمويون لدرء الخطر عنهم وبعثوا إلى الكوفة بعبيد الله بن زياد ، فقد سيق عبيد الله هذا في يوم من الأيام إلى يديه، وكان في وسعه أن يبطش به، ويستوي على كرسيه، ويحرم يزيد بن معاوية نصيرا من أعنف أنصاره.
وقد فاته هذا؛ لأن شريعة الخلافة لا تبيحه في رأيه، أو لأنه اعتقد أن الحق بين وأن الباطل بين؛ فلا حاجة به بعد التمييز بينهما إلى فتكة الغدر كما سماها، ولا محل عنده لإهدار الدماء، وهو ينعي على الدولة القائمة أنها تهدر الدماء بالشبهات.
ولقد رأى مسلم أن حق صاحبه في الخلافة قائم على شيء واحد، وهو إقبال الناس إليه طائعين، ومبايعتهم إياه مختارين. فأما وقد تفرقوا عنه رهبة من السلطان أو ضعفا في اليقين، فالرأي عنده أن يكتب إلى صاحبه يعلمه بانفضاض الناس عنه، ويثنيه عن القدوم، ولا حق له عليهم بعد ذلك حتى يثوبوا إليه.
وقيام الخلافة على هذا الاختيار عقيدة لا نفهمها نحن الآن، ولكن قد يفهمها يومئذ من كان على مقربة من عهد النبوة وعهد الصديق والفاروق.
فقد كان الصراع بين الحسين ويزيد أول تجربة من قبيلها بعد عهد النبوة وعهد الخلفاء الأولين.
لم يكن الصراع بين علي ومعاوية على هذا الوضوح الذي لا شبهة فيه بين الحق والباطل وبين الفضيلة والنقيصة.
لكنه في بيعة الحسين كان قد وضح وضوح الصبح لذي عينين.
Page inconnue