Abou des Martyrs Hussein Ibn Ali
أبو الشهداء الحسين بن علي
Genres
كان هذا شعوري بكتاب أبي الشهداء حين قرأته من جديد؛ لتقديمه إلى هذه الطبعة. مسكينة هذه الإنسانية! لا تزال في عطش شديد إلى دماء الشهداء؛ بل لعل العطش الشديد يزداد كلما ازدادت فيها آفات الأثرة والأنانية ونسيان المصلحة الخالدة في سبيل المصلحة الزائلة، أو لعل العطش الشديد إلى دماء الشهداء يزداد في هذا الزمن خاصة دون سائر الأزمنة الغابرة؛ لأنه الزمن الذي وجدت فيه الوحدة الإنسانية وجودا ماديا فعليا، وأصبح لزاما لها أن توجد في الضمير وفي الروح كما وجدت في الخريطة الجغرافية وفي برامج السفن والطيارات.
الوحدة الإنسانية اليوم حقيقة واقعية عملية، ولكنها حقيقة واقعية عملية في كل شيء إلا في ضمير الإنسان وروح الإنسان.
حقيقة واقعية في اشتباك المصالح التجارية، وفي اتصال الأخبار بين كل ناحية من الكرة الأرضية وناحية أخرى.
حقيقة واقعية في أعصاب الكرة الأرضية - إذا صح هذا التعبير - فلا يضطرب عصب من أعصابها في أقصى المشرق حتى تتداعى له سائر الأعصاب في أقصى المغرب وفي أقصى الشمال والجنوب.
حقيقة واقعية في كل شيء إلا في ضمير الإنسان وفي روح الإنسان، وهذا هو المهم والأهم إذا أريدت للإنسانية وحدة صحيحة صالحة جديرة بالدوام.
ولن توجد هذه الوحدة إلا إذا وجد الشهداء في سبيلها، فأنعم بمقدم «أبي الشهداء» من جديد إلى ضمائر فريق كبير من بني الإنسان، لعلهم يقدمون رسالته خطوة واحدة أو خطوات في سبيل اليقين والعمل الخالص لوجه الحق والكمال.
نتفاءل أو لا نتفاءل.
نتشاءم أو لا نتشاءم.
ليست هذه هي المسألة؛ وإنما المسألة هي أن طريق التفاؤل معروف وطريق التشاؤم معروف، فلا تتحقق مصلحة الإنسانية إلا إذا عمل لها كل فرد من أفرادها، وهانت الشهادة من أجلها على خدامها، وتقدم الصفوف من يقدم على الاستشهاد، ومن ورائه من يؤمن بالشهادة والشهداء.
لا عظة ولا نصيحة، ولكنها حقيقة تقرر كما تقرر الحقائق الرياضية، فلا بقاء للإنسانية بغير العمل لها، ولا عمل لها إن لم ينس الفرد مصلحته؛ بل حياته في سبيلها.
Page inconnue