91

Abou Nouwas

أبو نواس: الحسن بن هانئ

Genres

ويروى في ترجمته أنه سأل أستاذه والبة بن الحباب أن يخرج إلى البادية مع وفد بني أسد ليتعلم العربية والغريب، فأخرجه مع قوم منهم، فأقام بالبادية سنة ثم قدم، ففارق والبة ورجع إلى بغداد.

ولم يرد في ترجمة أديب من بني عصره أنه ذهب إلى صحراء بني أسد؛ ليتعلم العربية والغريب فيها، فالراجح أنها كانت جمحة من جمحاته في مصاحبة الشطار، ثم أشفق من مغبتها وسكت عنها مخافة الطلب والقصاص. •••

تقول الدكتور كارين هورني في مراقبتها النسوية للنرجسيين: إنهم يتعلقون بالمشروعات ولا يثبتون عليها، ويتنقلون من حرفة إلى حرفة، ومن مظهر إلى مظهر؛ ليطمئنوا إلى تمثيل الشخصية التي يستريحون إليها.

ويقول فليشر

Flesher

في كتابه عن الصحة العقلية والوقاية من الأمراض النفسية أو العصبية:

7 «إن اشتهاء القوة المشتق من غريزة العدوان وحب النفس النرجسي يشترك على التساوي في هذه الرغبة - رغبة التشبه بالكبار في كل ما يفعلون - وإن إعجاب الطفل بقدرة الكبار ينبغي أن يعزى إلى تمديد الشخصية الغالبة في النرجسية ليخلعها على أحدهم، وبخاصة خلال الطور الأول من أطوار الافتتان بالذات».

فإذا كانت الشطارة حلما من أحلام اليقظة تكبح مخاطرة الغلام النحيل الرقيق، الذي لا قبل له بتلك المخاطر المستهولة، ففي البيئة الاجتماعية التي ترعرع بينها هذا الغلام ألوان مستطاعة مما يحلم به، ويميل إليه طبعه ويرضي أهواء النرجسية في طويته، ويكاد أبو نواس يتشكل بكل شكل منها على التعاقب أو في وقت واحد، متتبعا للمطالب المتنافرة التي لا يتأتى له الجمع بينها، ولا يجمع بينها عنده إلا تجاربه للشخصيات الجذابة التي يقدر أنها تلفت إليه الأنظار وتوافق «الفتنة الذاتية» التي لا تستقر على قرار.

فتعلم العزف على العود، ودق الدفوف ليسلك مسلك المسمعين والقيان بين طلاب الملاهي والفنون، وتعلم اللغة وتعلم التنجيم وتعلم الفقه والحديث، وتعلم القراءة والتجويد، ونظم الشعر وروي قصائد الفحول، وتعلم العطارة والتجارة، وتعلم الأخبار والأنساب، وتردد على معاهد الدرس ومعاهد الرقص والسكر والمجون، وتداول هذه الأدوار كأنما يخلع لباس دور من أدوار التمثيل؛ ليلبس غيره على المسرح، ولكنه مسرح الحياة.

وروى أبو هفان: «أن أبا نواس لما تأدب ونشأ وظرف، ورغب فيه فتيان البصرة للمصادقة قال: لا أصادق إلا رجلا غريبا شاعرا يشرب الخمور، يصفها ويصف المجالس، ويكون له سخاء وشجاعة، فذكروا له جماعة، فلم يحب أن يكون الرجل من أهل بلده، فهرب إلى الكوفة، وذكر له بها رجل من بني أسد يقال له: والبة بن الحباب، يشرب الخمر ويقول الشعر ويجمع الخصال التي أرادها».

Page inconnue