فلم يتمالك صالح عن قطع كلام أبي سلمة قائلا: «هل أخبرته عن المهمة التي ذهبت بها إلى الشام؟»
فقال أبو سلمة: «لم يترك لي بابا لأخبره عن شيء، بل هو كان يخبرني عما في نفسي حتى قال لي: إن المهمة التي سار بها صاحبك (يعني أنت) لا ريب في نجاحها.»
فاستعاذ صالح بالله وأيقن أن إبراهيم إنما أتى بدسيسة من أبي مسلم للبحث عنه وعن جلنار، ولكنه استغرب اطلاعه على تلك التفاصيل، فانقبضت نفسه، وأسقط في يده، ونسي فرحه بقتل الإمام إبراهيم، وأطرق مبهوتا ولم يحر جوابا، فأنكر أبو سلمة حاله فقال له: «ما لي أراك صامتا لا تتكلم؟ أخبرني عما فعلته في سفرك.»
فقال صالح بصوت ضعيف يكاد يكون مختنقا: «ما الفائدة من نجاحي في مهمتي بعد ما سمعته منك؟»
فبغت أبو سلمة ولم يفهم مراده فقال: «وما الذي سمعته مني؟ إنه ليزيدنا سرورا ويطمئننا على حسن العاقبة.»
فقال صالح وقد ترقرقت الدموع في عينيه من شدة الغيظ: «كلا يا مولاي، وإنما هو يذهب بمساعينا أدراج الرياح، ويجعل حياتنا في خطر.»
فازداد أبو سلمة دهشة لما سمعه ولم يفهمه، وصاح في صالح: «ولماذا؟ قل يا صالح؛ فقد شغلت خاطري بما لم أفهم.»
فقال صالح: «إن العراف الذي ذكرته يا سيدي سينقل كلامك إلى أبي مسلم، وربما زاد من عنده ما يضاعف ذنوبنا، وأنت تعلم عاقبة الشكوك عند ذلك الرجل.»
فتطاول أبو سلمة بعنقه، وحملق بعينيه، وتحفز كأنه يهم بالوثوب وقال: «إلى أبي مسلم؟ وما شأنه مع يهودي من أهل حران؟ أظنك واهما؟»
فقال صالح: «لست واهما - يا مولاي - فإني أعرف الرجل معرفة جيدة، وهو من أتباع أبي مسلم، بل هو من أكبر ثقاته، ومن أمضى أدوات القتل عنده.»
Page inconnue