فأدركت ريحانة أن الضحاك قد أنفذ حيلته وسقى الأمير سما، فنهضت وتظاهرت بالدوار وقالت للأمير: «أرى مولاتي الدهقانة قد تأذت من الشرب أيضا.» وأمسكتها بيدها وهي تقول: «الأفضل لها أن تذهب إلى الفراش. هل يأمر لها مولاي بالانصراف؟»
فنهض وهو مشعر بالدوار أيضا، ولكنه تجلد وتظاهر بالقوة ووقف وهو يقول: «فلننصرف جميعا.»
وصفق فجاءه الغلمان وأسندوه وخرجوا به من الخباء يطلبون فسطاطه، وذهبت ريحانة بالدهقانة إلى غرفة الرقاد، واشتغل الخدم في نقل آنية النبيذ من الخباء، فلم تمض ساعة حتى خلا الخباء من الأمير وغلمانه.
فلما خلت ريحانة بسيدتها ظهر عليها الاضطراب، فاستغربت جلنار ذلك منها فقالت وهي تتوسد الفراش: «ما لي أراك مضطربة يا ريحانة؟»
قالت بالفارسية وهي ترتعد من التأثر وتحاول خفض صوتها: «أظنهم سموه يا مولاتي.»
فبغتت جلنار وجلست وهي تقول: «سموه؛ قتلوه؟»
قالت: «نعم. ألم تري الدب خرج بحيلة السكر إلى خارج الخباء ثم عاد والقدح في يده؟»
قالت: «بلى.»
قالت: «أظنه خرج ليضع السم في ذلك القدح. وفي صباح الغد يظهر فعله ونسمع بموت ابن الكرماني.»
فاقشعر بدن جلنار وصارت ترتجف من البغتة والخوف، ووقعت في حيرة، فابتدرتها ريحانة قائلة: «لا ينبغي أن تستسلمي إلى الضعف؛ فإن هذا أوان التعقل والدهاء، وقد قضي الأمر الذي كنا نخافه.»
Page inconnue