فهتف به المعري: ويحك إنك لتتعقبني بكلامي القديم تعقب المذنب بإقراره؛ فهلا أغناك حفظك عن مطاردتي بالسؤال والاستقصاء؟
فلاحقه التلميذ قائلا: المدى يا مولاي في هذه المسائل فسيح، والتعب لا يضير، وخطوة واحدة إلى الأمام أو خطوة واحدة إلى الوراء لن تضيق النطاق، ولن تقرب اللحاق.
قال الشيخ مترقبا: ثم ماذا؟
قال التلميذ مجاريا: ثم علام الجزاء إذا كنا فيما نحسن أو نسيء مجبرين مسيرين؟
قال الشيخ: إذا كانت النفس تعمل الخير مكرهة فما حقها في الجزاء؟
وإذا كانت النفس تعمل الخير مختارة لأنها تؤثره وترضاه وتجد فيه الغبطة وفي غيره الندم والحسرة فما حقها أيضا في الجزاء؟ فأحر بنا ألا نشغل بالنا بمثوبة أو عقوبة.
ولتفعل النفس الجميل لأنه
خير وأحسن لا لأجل ثوابها
إن الطفل يا بني يؤجر بالدرهم ليأكل الطعام وفيه مصلحته ونماؤه، فإذا كبر الطفل بذل هو الدرهم وصبر على بذله وتحصيله ليأخذ به طعامه ويشبع به نهمته وأوامه. وكذلك تصغر النفس فتؤجر على خيرها الذي تجهله، وتكبر النفس فتبدل هي الأجر على ما تعمل من خير، وذلك هو الجميل وذلك هو الثواب:
أدين برب واحد وتجنب
Page inconnue