ومن أمثالهم في ذلك: «أشكر من كلب» إلا أن الأكثرين على وصفه بالحرص والشره، ومن أمثالهم فيه: «أحرص من كلب على جيفة». ومن كلب على عرق، والعرق بالفتح: العظم عليه اللحم، أو الذي أكل لحمه. وقالوا أيضا: «ألأم من كلب على عرق»، و«أنهم من كلب». وكساب كقطام مبنيا على الكسر: الذئب، كما في القاموس. وفي الصحاح والمخصص أنه اسم كلبة، وهو الذي أراده الناظم. وقد مر بك بيت لبيد الذي ذكر فيه كلبة تسمى بهذا الاسم. ومثله كسبة بالفتح، قال الأعشى:
ولز كسبة أخرى فرعها فهق (16) العولق بفتح العين المهملة وسكون الواو وفتح اللام وبعدها قاف: الكلبة الحريصة. والمعاوية الكلبة المستحرمة تعوي إلى الكلاب. ومن طريف ما يحكى أن جارية بن قدامة دخل على أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان، فقال له: ما كان أهونك على أهلك إذ سموك جارية! فقال: وما كان أهونك على أهلك إذ سموك معاوية! وهي الأنثى من الكلاب. ويروى أن شريك بن الأعور دخل عليه وكان دميما، فقال له معاوية: إنك لدميم والجميل خير من الدميم، وإنك لشريك وما لله شريك، وإن أباك لأعور والصحيح خير من الأعور ، فكيف سدت قومك؟ فقال له: إنك معاوية ، وما معاوية إلا كلبة عوت فاستعوت الكلاب، وإنك لابن صخر والسهل خير من الصخر، وإنك لابن حرب والسلم خير من الحرب، وإنك لابن أمية، وما أمية إلا أمة صغرت، فكيف صرت أمير المؤمنين؟!
ويشبه هذا ما رواه أبو هلال في الصناعتين: أن رجلا من قريش قال لخالد بن صفوان: ما اسمك؟ قال: خالد بن صفوان بن الأهتم، فقال الرجل: إن اسمك لكذب، ما خلد أحد. وإن أباك لصفوان، وهو حجر، وإن جدك لأهتم، والصحيح خير من الأهتم. قال خالد: من أي قريش أنت؟ قال: من بني عبد الدار. قال: فمثلك يشتم تميما في عزها وحسبها، وقد هشمتك هاشم، وأمتك أمية، وجمحت بك جمح، وخزمتك مخزوم، وأقصتك قصي، فجعلتك عبد دارها، وموضع شنارها؛ تفتح لهم الأبواب إذا دخلوا، وتغلقها إذا خرجوا. انتهى.
واللعوة: بفتح اللام وسكون العين المهملة، واللعاة بفتحتين: الكلبة من غير تخصيص بشره وحرص، وقال الجاحظ في كتاب «الحيوان»: يقال أحرص من لعوة، وهي الكلبة. وفي اللسان ومجمع الأمثال للميداني: «أجوع من لعوة». (17) العسبورة: بضم العين وسكون السين المهملتين وضم الباء الموحدة وبعدها واو ساكنة وراء وهاء: ولد الكلب من الذئبة، ويقال له: العسبور أيضا، ولهذا قال الناظم: «وإن تزل ها لا تلم» أي إن نطقت به بدون هاء لا يلومك إنسان؛ لأنه مسموع. (18) الخيهفعى، بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء المثناة التحتية، وفتح الهاء والفاء والعين المهملة مقصورا: ولد الكلب من الذئبة. وقد سمع أيضا بالمد. وفي اللسان: حكى الأزهري عن أبي تراب قال: سمعت أعرابيا من بني تميم يكنى أبا الخيهفعى، وسألته عن تفسير كنيته، فقال: يقال إذا وقع الذئب على الكلبة جاءت بالسمع، وإذا وقع الكلب على الذئبة جاءت بالخيهفعى. قال: وليس هذا على أبنية أسمائهم مع اجتماع ثلاثة أحرف من حروف الحلق، وقال عن هذا الحرف وعما قبله في باب رباعي العين في كتابه: وهذه حروف لا أعرفها، ولم أجد لها أصلا في كتب الثقات الذين أخذوا عن العرب العاربة ما أودعوا كتبهم، ولم أذكرها وأنا أحقها، ولكني ذكرتها استندارا لها وتعجبا منها، ولا أدري ما صحتها. انتهى. (19) الديسم، بفتح الدال المهملة وسكون الياء المثناة التحتية وفتح السين المهملة وبعدها ميم: ولد الثعلب من الكلبة، أو ولد الذئب منها. هكذا في القاموس واللسان، وقال الجوهري في الصحاح: الديسم: ولد الدب، قال: وقلت لأبي الغوث: يقال إنه ولد الذئب من الكلبة، فقال: ما هو إلا ولد الدب. انتهى. وقال الجاحظ: إنه ولد الذئب من الكلبة، وهو أغبر اللون، وغبرته ممتزجة بسواد. (20) الهراكلة، بفتح الهاء والراء وكسر الكاف وفتح اللام: كلاب الماء، وقول ابن أحمر الباهلي يصف درة:
رأى من دونها الغواص هولا
هراكلة وحيتانا ونونا
فسره الأزهري في التهذيب بكلاب الماء. وقال الصاغاني في العباب: هي جمال الماء، وقيل: هي ضخام السمك. (21) القندس كقنفذ، أي بضم القاف وسكون النون وضم الدال المهملة وبعدها سين مهملة: كلب الماء. أهمله القاموس واللسان والمخصص، وذكره شارح القاموس والدميري في حياة الحيوان، ونسبا تفسيره بذلك لابن دحية. كما ذكره الناظم، وعبارته تفيد أنه أهمل ونسي. (22) القضاعة، بضم القاف وفتح الضاد المعجمة والعين المهملة: اسم كلبة الماء. (23) شرع الناظم في هذا البيت وما بعده يعدد أسماء ابن آوى، تبعا لمن عده نوعا من الكلاب، فذكر من أسمائه: الدال بفتح الدال المهملة وسكون الهمزة وبعدهما لام. والدئل بضم فكسر، وقد نصوا على أن لا نظير لها إلا: رئم. والدؤل بضمتين. والدألان محركة، ويقال فيه الذألان بفتح الذال المعجمة، والذؤلان بضمها، إلا أن الهمزة فيهما ساكنة. والعلوض، بكسر العين المهملة وفتح اللام المشددة، وسكون الواو وبعدها ضاد معجمة. والنوفل بفتح النون وسكون الواو وفتح الفاء وبعدها لام. واللعوض، بفتح اللام وسكون العين المهملة وفتح الواو، وبعدها ضاد معجمة. والسرحوب بضم السين المهملة وسكون الراء وضم الحاء المهملة وبعدها واو ساكنة وباء موحدة. والوع، بفتح الواو وبعدها عين مهملة مشددة. والعلوش، بكسر العين المهملة وفتح اللام المشددة وبعدهما واو ساكنة وشين معجمة. والوعوع بفتح الواوين وإسكان العين الأولى المهملة. والشغبر، بفتح الشين وإسكان الغين المعجمتين ، وفتح الباء الموحدة وبعدها راء؛ وبالزاي المعجمة تصحيف. والوأواء، بفتح الواوين وسكون الهمزة الأولى. وكلها من أسماء ابن آوى.
هذا ما أردنا بيانه، ويتبين منه ثلاثة أمور:
الأول:
أن الناظم - رحمه الله - مع استيفائه لكثير من أسماء الكلب قد أدرج فيها بعض صفات يشترك فيها الكلب مع غيره، ولم نجد مع كثرة البحث نصا على أنها غلبت عليه، حتى يمكن عدها في أسمائه؛ كذكره الزاهد والمنذر، وداعي الكرم، ومشيد الذكر ونحوها. فالظاهر أنه تسامح في إيرادها، أو يكون وقف فيها على ما لم نقف عليه. وفوق كل ذي علم عليم.
Page inconnue