محسن :
إن لنا في رسول الله أسوة حسنة، لعمري ليس هذا أوان البكاء والنحيب وإنما هو أوان الرأي والتدبير، أفتريدين أن تشغلي بالك بالحزن حتى تفقد مصر رأسها؟ إنا نعلم أنك كنت صاحبة الأمر أيام كان مولاي في حصار حمص، وكنت ذات الرأي منذ لزم السلطان فراشه، فإذا استسلمت للأسى استسلمت البلاد للأخطار، ووقعنا أسرى في أيدي الفرنسيس، وكنت أنت في مقدمتنا، إن كان لمولاي الراحل عليك حرمة فارعها اليوم بإرجاء الحزن عليه، ودبري له ملكه الذي كان يغار عليه غيرة عظيمة.
أقطاي :
صدق محسن يا مولاتي ، ورأيي أن تمضي فيما كنت فيه من تدبير شئون الدولة، وتكوني ملكة مصر والمسلمين طرا، ونحن كما نحن مواليك المخلصين.
شجرة :
ملكة المسلمين! أفقدت الديار رجلا؟ كلا، لم أكن لأحدث في الإسلام خرقا يا أقطاي.
أقطاي :
ولكن ماذا نفعل يا سيدتي، ولم يوص مولانا بولاية العهد لأحد من آل بيت بني أيوب؟ إنك والدة ولده خليل رحمه الله، وقد فاضت أيديك كرما على أهل مصر والشام حتى أصبحت ولك في كل قلب عرش وفي كل فؤاد مقام، وعلم الناس أن مولانا كان يعهد إليك في تدبير الدولة في غيبته لفضلك وكياستك، فإذا توليت أمرهم بما عهد فيك من الحصافة وبعد النظر كان أجرك عند الله عظيما، كذلك كان أجر خاتون بنت الملك العادل، فقد ملكت حلب بعد وفاة ابنها العزيز، وتصرفت في الأمر تصرف السلاطين، وقامت بالملك أحسن قيام.
9
شجرة :
Page inconnue