38

A Glimpse of the Eloquence in Surah Yusuf in the Quran

غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

Maison d'édition

دار الفاروق للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Lieu d'édition

عمان

Genres

قَمِيصَه، أو يُحْدِثَ فيه أيَّ خَدْشٍ أو خرْق أو تَمْزِيق؟! وأيّ ذِئْب رَشِيد هذا الَّذي يَنْزِعُ القَمِيصَ عن يُوسُفَ أوَّلًا ثمَّ يأكُلُهُ؟! وبعدما حسبوه ورَقةً رابِحةً في أيدِيهم وحُجَّةً دامِغَةً لَههم، إذا بهِ حُجَّة ساطِعَة على فَسَادِ دَعْواهم؛ فليْسَ أدلّ على كَذِبِهم من قَمِيصِ يُوسُفَ غَيْر المُمزَّق ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)﴾ [النُّور] وصَدَقَ القَائِلُ: إذا لَمْ يَكُنْ عَونٌ مِنَ الله للفَتى ... فَأَوَّلُ مَا يَقْضِي عَلَيْهِ اجتِهَادُهُ يعقوب يتلقى الخبر بالصبر فَكَيْفَ تَلَقَّى - ﵇ - هَذا النَّبأَ العَظِيمَ؟! والله ما مَلأَ الدُّنيا عَويلًا ولا صُرَاخًا، إنَّما كُلُّ الَّذي قَالَهُ: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ أي زَيَّنتْ لَكُم أنْفُسُكُم أمْرًا عَظِيمًا في يُوسُفَ فَأَقْدَمْتُم عَلَيهِ، وأضْرَبَ - ﵇ - عن التَّصرِيحِ بِكَذِبِهم، ولكن يفهم من قوله أنَّه حكم عليهم بالكذب، وأنَّ الذّئب لم يأكله بظهور علامة كذبهم. ثمَّ قَالَ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ فَقَضَاءُ الله تعالى لا يُواجَهُ بِغَيرِ التَّسْلِيمِ، وليْسَ لَهُ عُدَّةٌ سوى الصَّبر الجَمِيل ﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى﴾ احتِمَالِ ﴿مَا تَصِفُونَ (١٨)﴾ وتذكُرونَ مِنْ أَمْرِ يُوسُفَ، وعلى فَضْحِ دَعْواكُم وَكَشْفِ حَقِيقَتِكُم، و﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧)﴾ [الأنعَام] وكلّ آتٍ قَريب، وكلُّ همٍّ إلى فَرَجٍ. ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ نَعَم يا يَعْقُوب، يا مَنْ شَرِبْتَ كَأسَ البَلاءِ صابِرًا مُحْتَسِبًا، وأنْتَ عِنْدَ الله تعالى من الصَّابِرينَ! الصَّبْرُ الجَمِيلُ لم يَجْزَعْ يَعْقُوبُ - ﵇ - ولم يَهْلَعْ، ولم يَشْكُ أَمْرَهُ لِمَخْلُوقٍ؛ لأنَّهُ نَبيٌّ حَلِيمٌ، ومن

1 / 40