A Glimpse of the Eloquence in Surah Yusuf in the Quran
غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
Maison d'édition
دار الفاروق للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
Lieu d'édition
عمان
Genres
عَلَى بَصِيرَةٍ﴾ على هدىً ﴿أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ يدعو إلى الله كما أدعو ﴿وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)﴾.
فهذا واجب كلِّ مسلم أن يدعو إلى الله على بصيرة، فالآية فيها دليل على أنَّ كلَّ متَّبع للنَّبِيِّ - ﷺ - بحقٍّ وصدق حقٌّ عليه أن يقتدي بالنَّبِيِّ - ﷺ - فيدعو إلى ما دعا إليه - ﷺ - على بصيرة، وفيها دليل على أنَّ على المسلمين دعوة النَّاس إلى توحيد الله تعالى كما كان على النَّبِيِّ - ﷺ - ذلك.
واعلم أنَّ الدَّعوة عامَّة وخاصَّة: فالعامَّة يقوم بها كلٌّ حسب استطاعته، قال النَّبِيُّ - ﷺ ـ: " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيةً " (^١) والخاصَّة تتعيَّنُ على العُلماء.
الإيمان المقيَّد بحال الشِّرك
أشكل على بعضهم قوله تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)﴾ قالوا: كيف وُصِفَ المشركُ بالإيمان، وكيف يجتمع الإيمانُ مع الشِّرك؟ فهناك منافاة بين الإيمان والشّرك!
والجواب: أنَّ المراد بإيمان أكثرهم اعترافهم بألسنتهم بأنَّ الله هو ربُّهم الخالق الرَّازق المدبِّر ...، والمراد بشركهم عبادتهم غيره معه، فليس المراد بإيمانهم حقيقة الإيمان، وإنَّما المراد أنَّ أكثرهم مع إظهارهم الإيمان بأفواههم مُشْرِكون، فالإيمان المقيَّد بحال الشِّرك إيمان لغويّ لفظيّ لا شرعيّ، ومن الآيات الدَّالة على هذا المعنى، قوله تعالى:
﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧)﴾ [الزّخرف]، وقوله: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١)﴾ [يونس]،
(^١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٤/ص ١٤٥) كتاب أحاديث الأنبياء.
1 / 202