186

A Glimpse of the Eloquence in Surah Yusuf in the Quran

غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

Maison d'édition

دار الفاروق للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Lieu d'édition

عمان

Genres

ومن ذلك نفهم أنَّ الرؤيا الصَّادقة قد يتأخَّر تأويلها، فقد ترى الرؤيا ويقع تأويلها وتتحقَّق بعد عشرات السّنين. مِسْكُ الختام كانت أوَّل شخصيَّة ظهورًا في القِصَّة شخصيَّة يُوسُفَ - ﵇ ـ: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (٤)﴾، وآخر شخصيَّة ظهرت في القصَّة شخصيَّة يُوسُفَ - ﵇ - أيضًا، إذ قال - ﵇ - مناجيًا ربَّه: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ﴾ أي أعطيتني حظًّا مِنَ الملك ﴿وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ أي وعلَّمتني شيئًا من تعبير الرؤى، و﴿مِنْ﴾ فيهما للتبْعِيض والتَّجزئة؛ إذ لم يُؤْتَ - ﵇ - إلَّا بعض التَّأويل وبعض الملك؛ لأن الملك كلَّه لا يملكه إلَّا الله تعالى: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩)﴾ [الانفطار]. ﴿فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ خالق السَّموات والأرض ومبدعهما ﴿أَنْتَ﴾ يا ربِّ ﴿وَلِيِّي فِي﴾ داريّ ﴿الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾. وبعد هذا الثَّناء جَاءَ الدُّعاء: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا﴾، سأل - ﵇ - الله تعالى أن يتوفَّاه على الإيمان والإِسلام حين يتوفَّاه، وأن يحفظ عليه إسلامه، وأن يثبِّت عليه دينه وإيمانَه إلى أن يلقاه. كأنَّه ينظرُ إلى وصيَّة آبائه المشار إليها بقوله تعالى: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢)﴾ [البقرة]. ﴿وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (١٠١)﴾ من النَّبيين والصِّدِّيقين والشُّهداء والصَّالحين، سائلين الله تعالى أن يتوفَّنا مسلمين، وأن يلحقنا بالصَّالحين، إنَّه جوادٌ كريمٌ.

1 / 192