جئت لأرطب يدي وعيني برضابك العذب.
ثقل فؤادي علي، فأسرعت لأبعث به معك إلى روح البحر العظيم الذي يناديك من عمق أعماق زرقته البعيدة.
أنت ابن الغيوم، وألعوبة الحرارة الهوائية، وضحكة المادة الدائمة، وقهقهة الجو بين الهضاب والأودية. أنت قبلة الشمس للبحر. أنت أنشودة الجبل في الوادي. أنت الروح الصغيرة المسرعة إلى أحضان الروح الكبيرة.
أنت عميق كأسرار الجنان، عذب كنظرات الولهان، وفي اسمك ألوان وألحان.
أنت تهلمم
1
بي، أيها النهر، فخذني معك بعيدا عن الحياة وضوضائها، خذني معك ... لكن ما هي نسبتي إليك ؟
أنت مجموع سوائل لا وجدان لها، ولا قلب يخفق بين أجزائها، وأنا ... أنا شيء آخر. أنت لغز بين البحار والآفاق، وأنا لغز بين الحياة واللانهاية. أنا أعرف أني لا أفهمك، وأشعر بجهل الإنسان وشقائه، أما أنت ... ما لنا ولك؟
سيري، أيتها المياه، سيري واتركيني. اسقي النباتات والأعشاب، ضعي لآلئ في ثغور الورد، رطبي صدر الأرض الملتهب، ترنمي في وحدة الوادي، أسردي حكايتك التي لا تنتهي. اندبي هللي، اصرخي اهمسي، أنشدي انحبي، اطربي احزني. كل هذا ننسبه إليك. نحن أبناء النشوة والكآبة.
سيري أيتها المياه ودعيني أبكي. لقد تلبد جو فكري بالغيوم القاتمة. وقلبي - ما لك وله! - منفرد حزين ...
صفحه نامشخص