133

والجواب عن هذا: إن إنكار الذهبي لحديث الحسين ليس إلا لمخالفة مذهبه؛ لأن الذي يعرفه الذهبي هو حديث النواصب وأعوان النواصب وشيعة الأموية كأحاديث التشبيه والجبر والإرجاء وكأحاديث الزهري السابق ذكرها في الفصل الأول، وفضائل أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وابن الزبير وأبي موسى وجرير وأبي هريرة بل ومعاوية وعمرو بن العاص والمغيرة، وما أشبه ذلك من حديث أسلاف الذهبي الذي قربتهم الأموية، وجعلتهم أئمة الحديث، ووثق بعضهم بعضا لروايتهم ما يرضيهم ويوافق أهواءهم وسلامتهم عندهم مما ينكرونه وإن كان حقا في الواقع.

وأما الذي ينكره الذهبي فهو ما يخالف ذلك وينافيه ويخالف ما تقرر عنده وعند أسلافه، وإن كان لا يخالف محكم الكتاب، ولا السنة المعلومة، ولا إجماع الأمة، ولا قضايا العقول، ولكنه يخالف ما ألفوه ودبوا عليه ودرجوا وتربوا عليه وقرروه بالشبه والروايات الكاذبة.

ألا ترى أنهم أصلوا لهم أصولا في أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية وسائر من يسمونهم بزعمهم (صحابة) ثم بنوا عليها قبول ما وافقها من الحديث، ورد ما خالفها، ثم الجرح والتعديل.

وعلى ذلك فقس، ولا تغتر.

ولذلك ضعفوا عددا من أهل الحق من أهل البيت وشيعتهم.

أما الحسين بن زيد فهو من أفاضل العترة وصفوة الصفوة، ولم يجد الذهبي ما يقول فيه من جرح يميل إلى الدنيا أو ركون إلى الظلمة أو دخول على السلاطين أو منكر في الحديث مخالف للمعلوم من الكتاب والسنة.

فأما روايته لفضائل أهل البيت فلا يجرح فيه عند من أنصف؛ لأن فضائلهم كانت تكتم في عهد دولة النواصب رغبة ورهبة، ولذلك سأل بعضهم: (هل شهد علي بدرا؟).

فلا ينكر خفاء الرواية وتفرد الراوي بها مع موافقتها في الجملة للأحاديث المشهورة، أو عدم مخالفتها لشيء من الأدلة الصحيحة.

والحسين بن زيد عليه السلام في صبره وزهده في الدنيا أبعد من أن يحتاج إلى التوثيق لشهرة فضله عليه السلام.

صفحه ۱۲۱