126

ففي الحديث دلالة على فضل عظيم لعلي عليه السلام فإن قوله: ((أنت مني وأنا منك)) خصوصية وفضيلة لعلي عليه السلام خصه بها دون جعفر وزيد، كما جعل لكل منهما خصوصية، فدل على أنه هو ورسول الله كالشيء الواحد وأن عليا عليه السلام بمنزلة بعض رسول الله على الإطلاق، إلا فيما لا يخفى اختصاصه به كالنبوة المستثناة في حديث المنزلة.

وذلك يدل على عموم الفضائل وكمالها، ويؤكد ذلك ويوضحه قوله: ((وأنا منك)) فإنه لا يجعل نفسه الشريفة كالجزء من علي إلا وهما متشابهان في الكمال، وإلا كان الكلام تنزيلا للرسول وذلك لا يقوله رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى.

فإن قيل: ليس المراد تشبيه كل منهما ببعض الآخر في جميع الفضائل وكمالها، وإنما المراد أن قوة الولاية بينهما والاتصال المعنوي والائتلاف الروحي صيرهما كالشيء الواحد، وصير كل واحد كالجزء من الآخر بهذا المعنى، أي إنه في اتصاله به بالغ نهاية الاتصال، حتى كأنه جزء منه، وهذا كاف لإثبات خصوصية له تخصه دون جعفر وزيد؛ لأنه يدل على أنهما ليسا في الاتصال برسول الله إلى هذا الحد، وإن كان يحبهما ولهما به صلة وثيقة ليست لغيرهما من كبار الصحابة، كما تدل على ذلك الروايات فيهما.

قلنا: فهذا دليل على أنه لا يقاس بعلي عليه السلام أحد من الصحابة.

وعلى أي التفسيرين حمل قوله: ((أنت مني وأنا منك)) فهو دليل واضح على ما ذكرناه من أن عليا عليه السلام لا يقاس به أحد من أهل الشورى مع أن الفرق بين التفسيرين إنما هو اعتباري ومرجعهما واحد.

هذا، وقد أخرج الحديث أحمد بن حنبل في مسنده(1) وأخرجه أيضا(2) بلفظ: ((أما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي، وأما أنت يا علي فمني وأنا منك، وأما أنت يا زيد فأخونا ومولانا)).

صفحه ۱۱۴