إن لم أذرك على الأرماح سائلة
فلا دعيت ابن أم المجد والكرم
أيملك الملك والأسياف ظامئة
والطير جائعة لحم على وضم؟
ميعاد كل رقيق الشفرتين غدا
ومن عصى من ملوك العرب والعجم
فهو بذلك كله ينقد المجتمع ويذم الدهر من ناحيته الشخصية، وهو أنه لم ينله مقصده.
كما أنه يمثل مجتمعه من ناحية أخرى دقيقة؛ فقد كان في الشام والعراق ومصر بدو وحضر، وتثقف المتنبي ثقافة بدوية وحضرية، وأقام في البدو حينا وعاش عيشتهم واستفاد من ألفاظهم وأساليبهم، ثم خالط سيف الدولة وكافورا وعضد الدولة، وأكل على موائدهم، ورأى ترفهم نعيمهم، فكان لذلك صدى في شعره؛ فهو بدوي حضري: بدوي في لفظه وأسلوبه وقوته وجزالته، وفي كثير من معانيه وأوصافه كوصف الخيل والسلاح، حضري في بعض معانيه كوصف الفازة من الديباج عليها صورة ملك الروم وصور وحش وحيوان، ويصف بطيخة من الند في غشاء من خيزران عليها قلادة لؤلؤ وعلى رأسها عنبر قد أدير حولها ... إلخ.
ويحن إلى الأعرابيات، ويتشبب بهن، ويفضلهن على الحضريات:
من الجآذر في زي الأعاريب
صفحه نامشخص